استراتيجية ترامب للأمن القومي: وضع حرج لأوروبا والشرق الأوسط
الأخبار العالمية
تعيد استراتيجية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للأمن القومي رسم ملامح سياسة واشنطن الخارجية: إبراز الصين كخصم، والإشارة إلى تراجع دور أوروبا، وتزايد الاهتمام بأمريكا اللاتينية، مع تراجع الاهتمام الأمريكي بالشرق الأوسط.
رأت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كالاس اليوم السبت (السادس من ديسمبر/كانون الأول 2025) أن الولايات المتحدة ما زالت الحليف الأكبر لأوروبا، وذلك غداة نشر واشنطن استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة التي انتقدت المؤسسات الأوروبية.
وقالت كالاس في منتدى الدوحة ردا على سؤال حول الاستراتيجية الأمنية الأمريكية الجديدة "طبعا هناك الكثير من الانتقادات، لكن أعتقد أن بعضها صحيح"، مضيفة "الولايات المتحدة ما زالت حليفنا الأكبر... لا نتفق دوما على مسائل مختلفة لكن المنطق هو عينه. ونحن أكبر الحلفاء وينبغي أن نبقى متحدين".
أمريكا أولا"
وكان ترامب قد عرض الجمعة استراتيجية تقوم على تحوّل جذري في سياسة الولايات المتحدة الخارجية.
يصدر الرؤساء الأمريكيون عادة "استراتيجية للأمن القومي" في كل ولاية لهم في البيت الأبيض. ومنحت الأخيرة التي نشرها جو بايدن في 2022 أولوية للتفوّق في المنافسة مع الصين مع كبح جماح روسيا التي وُصفت بأنها "خطيرة".
وبناء على وثيقة الأمن القومي لرئاسة ترامب الثانية والتي تحدد رؤية خارجة عن المألوف للعالم، تتصدّر أمريكا اللاتينية أجندة الولايات المتحدة في تحوّل جذري عن دعوتها تاريخيا للتركيز على آسيا في مواجهة صعود الصين، مع تسجيل تراجع كبير في اهتمام الإدارة الحالية بالشرق الأوسط.
والوثيقة أحدث وأوضح تعبير عن رغبة ترامب في زعزعة نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية الذي قادته الولايات المتحدة والمبني على شبكة من التحالفات والمجموعات متعددة الأطراف وإعادة تعريفه من خلال منظور "أمريكا أولا". وتقول الوثيقة المكونة من 29 صفحة إن سياسة ترامب مدفوعة "قبل كل شيء بما يصلح لأمريكا".
مبدأ مونررو"
وتظهر الاستراتيجية ترامب على أنه يعمل على تحديث "مبدأ مونرو" القائم منذ قرنين والذي أعلنت في إطاره الولايات المتحدة التي كانت حديثة العهد حينذاك أن أميركا اللاتينية منطقة محظورة على القوى المنافسة.
وتنص الاستراتيجية "سنُعلن ونطبِّق مُلحق ترامب على مبدأ مونررو". وقال ترامب في تمهيد للوثيقة المنتظرة منذ مدة طويلة، "في كل ما نفعله، نضع أمريكا أولا".
وفي قطيعة مع عقود من المساعي الرامية إلى الانفراد بموقع القوة العظمى، تؤكد الاستراتيجية أن "الولايات المتحدة ترفض أن تنتهج بنفسها المبدأ المشؤوم للهيمنة على العالم".
تراجع حصة أوروبا والصين الخصم
وإن كانت تشير إلى أن الولايات المتحدة ستمنع قوى أخرى، لا سيما الصين، من الهيمنة أيضا، فهي تؤكد أن "ذلك لا يعني هدر الدماء والأموال للحد من نفوذ جميع قوى العالم العظمى والمتوسطة".
وفي لغة غير مألوفة عند مخاطبة حلفاء مقرّبين، تشير الاستراتيجية إلى أن الإدارة الأمريكية ستعمل على "تنمية المقاومة لمسار أوروبا الراهن داخل البلدان الأوروبية نفسها".
وتشير الاستراتيجية إلى تراجع حصة أوروبا في الاقتصاد العالمي، وهو أمر ناجم إلى حد كبير عن صعود الصينوغيرها من القوى. وتقول إن "التراجع الاقتصادي يطغى عليه احتمال حقيقي وأكثر وضوحا يتمثل بالمحو الحضاري.. إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فلن يعود من الممكن التعرّف على القارة في غضون عشرين عاما أو أقل".
وبعد تكهّنات عديدة بشأن ما سيكون عليه موقف ترامب من تايوان التي تطالب بها بكين، توضح الاستراتيجية أن الولايات المتحدة تؤيد الوضع القائم منذ عقود لكنها تدعو حليفتيها اليابان وكوريا الجنوبية للمساهمة أكثر لضمان قدرة تايوان على الدفاع عن نفسها أمام الصين.
وجاء الرد الألماني سريعا، إذ شددت ألمانيا على أنها ليست بحاجة إلى من يعطيها "نصائح من الخارج". وشدد وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول على أن بلاده لا تحتاج إلى "نصائح من الخارج"، مضيفا "أعتقد بأن قضايا حرية التعبير أو تنظيم مجتمعاتنا الحرة لا مكان له (في الاستراتيجية)، على الأقل في ما يتعلق بألمانيا".
الشرق الأوسط...التركيز الأمريكي "سيتراجع"
في المقابل، تولي الاستراتيجية اهتماما أقل بالشرق الأوسط، المنطقة التي لطالما شغلت واشنطن. وفي إشارة إلى الجهود الأمريكية لزيادة إمدادات الطاقة في الداخل وليس من الخليج، تنص الاستراتيجية على أن "هدف أمريكا التاريخي للتركيز على الشرق الأوسط سيتراجع".
وكما هو متوقع، تركّز الاستراتيجية بدرجة أقل على إفريقيا، قائلة إن على الولايات المتحدة الابتعاد عن "الفكر الليبرالي" و"العلاقة القائمة على المساعدات" والتأكيد على أهداف على غرار تأمين المعادن الحيوية.