الحوثيون صعدوا من الهاشمية لكنهم أنهوا وجودها

Author Icon مصطفى محمود

نوفمبر 19, 2025

الحوثي بدأ جماعة ثم سلطةً هاشمية فوق مجتمع اليمني، لكنه اليوم سلطة حوثيه فوق السلالة الهاشميه نفسها.... منذ البداية، رفع الحوثي شعار «امتياز النسب الهاشمي ». لكن امتياز النسب لا يعيش بلا (مركز يقرر) هذا نسب شرعي، وذاك فائض٠.

هكذا تقلّصت الهاشمية من شركاء الحوثي في السلطه الى موظفين في سلطة الحوثي،ومن شبكة واسعة إلى دائرة ضيقة، ثم إلى شقّ صغير، ثم إلى أسماء قليلة تعيش تحت شك  الحوثيين.

الحوثيون يستخدون«السلالة»، لكنهم لا يثقون في السلالة.
يرفعون شعار النسب الهاشمي ، ثم يرتجفون من النسب٠ اذ يرون ان كل هاشميّ، حتى المهمّش، يحمل بذرة تهديد: احتمال أن يُرى يومًا كبديل٠

ولأن السلطة بُنيت على العنف، صار العنف منهاج ادارة شئونها ا ٠٠ لقد سبق لي وان كتبت مقالات عدة لى ان (السلطة التي تحتاج الخوف لتبرير وجودها، تعيد إنتاج الخوف في داخلها أولًا. وهذا ما يحدث هنا)

مع الوقت، صار كل هاشميّ خارج الفرع الحوثي نافذة للريبة.(المركز الحوثي )لا يحتمل شريكًا في المقدّس السياسي) أي عائلة هاشميه آخري تعامل كاحتمال خطير٠ [ضبطهاـ إبعادهاـ محاصرتهاـ ليست ثقة، بل حسابات باردة. النسب قوة رمزية، والقوة الرمزية يجب أن تبقى محتكرة، على بيت الحوثي وإلا تشققت الأسطورة]

السلطه الحوثيه ولدت آليات داخلية خاصه بالهاشميين تشبه مقصلة صامتة،
- الأسماء تُفحص.
- الولاءات تُدقّق.
- الحركات تُراقَب.

وكل هاشميّ لا يدخل في خط الطاعة يُعاد تعريفه فورًا: من قريبٍ في الهوية إلى غريبٍ في الولاء.

كما في كل تاريخ الإمامه ف اليمن ، يبدأ العنف حين يصبح القريب هو الهدف الأسهل٠ المجتمع اليمني قد ينفجر، أما الهاشميون فليس أمامهم سوى الصمت أو الانضواء أو التلاشي. التوحّش يبدأ باليمنيين، لكنه لا يستقر إلا حين يبتلع الهاشميين أنفسهم، ثم يقترب من الدائرة التي لا تُذكر علنًا: قيادة الجماعة نفسها٠

فما دام القرار يمنح نفسه حق الحسم باسم «النسب»، فلا بد من استبعاد كل من يمكن أن يشارك في هذه الملكية الرمزية. النسب يتحول إلى عبء. السلالة إلى هدف. القرب إلى جريمة محتملة.

الجهاز الأمني ليس جهازًا، بل شبكة ارتياب. كلما ضاق الخناق، ازدادت حاجته لخلق خصوم من الداخل كي يثبت يقظته. أي صلة قديمة، أي علاقة، أي وجه لا يخضع—مواد خام للاتهام.

الجوثي لايخوض حربًا ضد المجتمع اليمني فقط؛ إنها إعادة تشكيل للبنية الهاشمية بالتصفية البطيئة: اغتيالات، قتل بطيران خارجي، تجويع سياسي، إقصاء من المراتب، سحب الأدوار، خلق طبقة «هاشميين صالحين» لا يتجاوز عددها أصابع اليد، تدور حياتهم حول القيادة، وتجني المكاسب،

البنية الهاشمية التي تبدو متماسكة من الخارج، تعيش في الداخل تآكلاً صامتًا، جروح صغيرة تتراكم في نسيج النفوذ. ان جاز لي التعبير (سلاله مغلقه تأكل سرديتها ». الجماعة الحوثيه التي ادّعت حماية النسب الهاشمي ، تقوم بتفكيك النسب نفسه وتقوده نحو الزوال،.

والمفارقة النهائية: التوحّش الهاشمي الذي بدأ بإخضاع اليمنيين ، صار وسيلة لضبط الهاشميين، ثم لحماية الفرع الحوثي، ثم خطرًا على هذا الفرع ذاته. آلة العنف حين لا تجد خارجها، تدور نحو المركز.

ما يلوح الآن ليس انتصار السلالة الهاشميه ، بل نهايتها كما عُرفت: من شبكة ممتدة إلى أسماء معزولة، تحكمها الشكوك أكثر مما يحكمها الدم.

الخوف يبدأ من الأطراف، لكنه لا يعرف طريقًا سوى العودة إلى القلب.

زر الذهاب إلى الأعلى