هيومن رايتس ومنظمة العفو الدولية تدعوان ميكروسوفت تجنب المساهمة في انتهاكات الحقوق
الأخبار العالمية
(نيويورك) – قالت "هيومن رايتس ووتش"، و"منظمة العفو الدولية"، و"أكسيس ناو"، ومنظمات حقوقية رائدة أخرى في رسالة أرسِلت سابقا بشكل غير علني إلى "مايكروسوفت" ونشرت اليوم، إن على الشركة تعليق الأنشطة التجارية التي تُساهم في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والجرائم الدولية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي وهيئات حكومية إسرائيلية أخرى.
أفاد تحقيق إعلامي أجرته "الغارديان" و"مجلة 972+" و"لوكال كول" في أغسطس/آب 2025 أن وحدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، المعروفة بـ "الوحدة 8200"، تستخدم خدمات السحابة "أزور" من مايكروسوفت لتخزين ومعالجة كميات هائلة من المكالمات الهاتفية للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية التي يتم اعتراضها يوميا. في 25 سبتمبر/أيلول، أعلنت مايكروسوفت أنها أوقفت وعطلت اشتراكات وخدمات محددة للجيش الإسرائيلي، بما يشمل خدمات وتكنولوجيات محددة للتخزين السحابي والذكاء الاصطناعي، نتيجة مراجعتها المزاعم الواردة في تقرير الغارديان.
قالت ديبرا براون، نائبة مدير التكنولوجيا والحقوق في هيومن رايتس ووتش: "اتخذت مايكروسوفت خطوة أولى مهمة نحو تقييد استخدام تكنولوجيات معينة من قبل وحدة من الجيش الإسرائيلي لقمع الفلسطينيين. عليها أن تُراجع بشكل شامل علاقاتها التجارية مع السلطات الإسرائيلية وتتخذ إجراءات لضمان ألا تكون بنيتها التحتية السحابية وتقنية الذكاء الاصطناعي وبرمجياتها وأجهزتها وغيرها من أدواتها وخدماتها متواطئة في إبادة إسرائيل للفلسطينيين وغيرها من الانتهاكات الجسيمة".
قالت مايكروسوفت إنها تعتزم الرد على الرسالة المشتركة في نهاية أكتوبر/تشرين الأول، لأنها تجري حاليا تحقيقاتها وتضع توصياتها.
قالت هيومن رايتس ووتش إن مايكروسوفت لديها أسباب كافية لإجراء العناية الواجبة المعززة في مجال حقوق الإنسان في أنشطتها التجارية مع السلطات الإسرائيلية، نظرا للطبيعة الطويلة الأمد لاحتلال إسرائيل لفلسطين وقمعها الفلسطينيين، ولسنوات من التقارير الصادرة عن المنظمات الحقوقية و"الأمم المتحدة" ووسائل الإعلام بشأن خطر مساهمة شركات التكنولوجيا في الانتهاكات.
حسبما وثقت أبحاث هيومن رايتس ووتش، يُثير استخدام القوات الإسرائيلية أنظمة تعتمد على البيانات وتقنيات الذكاء الاصطناعي، لأغراض تشمل المراقبة وتوفير معطيات لقرارات تحديد الأهداف العسكرية في غزة، مخاوف جدية بموجب قوانين الحرب، لا سيما مبدأ التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنيين، وضرورة اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الأضرار التي تلحق بالمدنيين.
كتبت هيومن رايتس ووتش وخمس منظمات شريكة إلى مايكروسوفت في 26 سبتمبر/أيلول. قالت المنظمات إن قرار مايكروسوفت إيقاف اشتراكات وخدمات محددة للجيش الإسرائيلي ردا على تقرير الغارديان كان خطوة إيجابية. حثت المنظمات مايكروسوفت على إعادة النظر في جميع عقودها مع الجيش الإسرائيلي والسلطات الحكومية الإسرائيلية الأخرى، وتعليق استخدام أي خدمة أو مُنتَج يساهم في انتهاكات حقوق الإنسان من قبل الجيش الإسرائيلي أو السلطات الحكومية الإسرائيلية، وإنهاء العلاقة في هذه الحالة.
وجدت هيومن رايتس ووتش أن السلطات الإسرائيلية ارتكبت في السنوات الأخيرة التطهير العرقي وجرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، بما يشمل الإبادة والفصل العنصري والاضطهاد وأفعال الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، وانتهكت أوامر ملزمة صادرة عن "محكمة العدل الدولية".
أفاد التحقيق الإعلامي أن نظام المراقبة الجماعية الإسرائيلي الذي تدعمه خدمة أزور، يحتفظ بملايين المكالمات الهاتفية المسجلة، وأن مصادر داخل الوحدة 8200 تقول إن السلطات الإسرائيلية استخدمت هذه البيانات للبحث عن أهداف للقصف في غزة وتحديدها، إلى جانب أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي تُستخدم في تحديد الأهداف. بحسب تقارير، استخدمت السلطات الإسرائيلية هذه المعلومات أيضا في الضفة الغربية المحتلة "لابتزاز الناس، واحتجازهم، أو حتى تبرير قتلهم بعد وقوعه". أشارت مايكروسوفت إلى أن مراجعتها الخاصة، التي لا تزال جارية، وجدت "أدلة تدعم عناصر من تقرير الغارديان".
المراقبة الإسرائيلية الواسعة النطاق والمنتشرة لكامل السكان الفلسطينيين موثقة جيدا، ولعبت دورا أساسيا في استمرار السلطات الإسرائيلية في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية تتمثل في الفصل العنصري والاضطهاد ضد الفلسطينيين. استخدمت السلطات الإسرائيلية المراقبة الجماعية والاستخلاص القسري للبيانات الشخصية للفلسطينيين لتمكين وتسهيل وحتى تسريع ارتكاب جرائم دولية أخرى، بما في ذلك أفعال الإبادة الجماعية؛ والجرائم ضد الإنسانية، بما يشمل الإبادة؛ وجرائم الحرب، بما يشمل الضربات الجوية التي نُفِّذت في انتهاك لقوانين الحرب.
أدى الهجوم الإسرائيلي على غزة إلى مقتل أكثر من 67 ألف فلسطيني، من ضمنهم ما لا يقل عن 20 ألف طفل، وتدمير غالبية مدارس غزة ومستشفياتها ومنازلها وبنيتها التحتية المدنية.
بموجب "المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان"، التي تؤيدها مايكروسوفت علنا، تقع على عاتق الشركات مسؤولية تجنب التسبب في انتهاكات حقوق الإنسان أو المساهمة فيها، ومعالجة المخاطر المرتبطة مباشرة بعملياتها التجارية وعلاقاتها. في السياقات المتأثرة بالنزاعات، يزداد خطر وقوع انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وبالتالي، ينبغي للشركات أن تزيد من العناية الواجبة وفقا لذلك.
لم تكشف مايكروسوفت علنا عما إذا كانت قد مارست العناية الواجبة المعززة في مجال حقوق الإنسان أو سعت إلى إنهاء صلاتها بانتهاكات حقوقية. حتى إعلانها في 25 سبتمبر/أيلول، لم تُشِر مايكروسوفت علنا إلى أنها فرضت أي قيود على علاقاتها التجارية مع السلطات الإسرائيلية لمعالجة مخاطر انتهاكات حقوق الإنسان. خلُصت مراجعة سابقة طلبتها مايكروسوفت حول استخدام الجيش الإسرائيلي لمنتجاتها في مايو/أيار 2025 إلى أنه "لا يوجد حتى الآن أي دليل على استخدام تكنولوجيات أزور والذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت لاستهداف أو إيذاء أشخاص في النزاع الدائر في غزة".
في رسالتها المشتركة، طرحت المجموعات أسئلة تتعلق بنطاق المراجعة الحالية التي تجريها مايكروسوفت وتطبيقها لسياساتها الخاصة بشأن الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي الخاص بها في سياق الأعمال العدائية.
قالت براون: "الوضع لا يحتمل التأخير. على مايكروسوفت اتخاذ إجراءات حاسمة لضمان أنها لا تربح من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان للفلسطينيين".