حسين الوادعي
فكرت أدلي بلوي في نقاش الإلحاد والإيمان
ما الصفات الأساسية للأديان التي بغياب أحدها لا يبقى الدين دينا؟!
عندما نتأمل في الأديان حول العالم نجد هناك أديان بلا إله مثل الكونفوشيوسية والبوذية.
وأديان بلا أنبياء.
وأديان بلا آخرة أو جنة ونار كالديانات البدائية وكالهندوسية والبوذية والكونفوشيوسية.
وهناك أديان بلا شرائع أو بشرائع مخففة.
وهناك أديان بلا كتاب مقدس.
الإله والنبي والشريعة والآخرة والكتاب المقدس ليست من الصفات الجوهرية للدين التي بغياب أحدها ينتفي الدين من أساسه.
الصفات الجوهرية التي تشترك فيها كل الأديان هي: المعتقدات والطقوس والبعد الروحاني.
لا يوجد دين بلا معتقدات. واذا اختفت الروحانية اختفى الدين. أما الطقوس فهي الوقود الذي يساعد المتدينين على الاستمرار في الانتماء الديني الشاق أو الناعم.
هذا التحليل يساعدنا على التخلص من بعض الافكار الشائعة مثل فكرة: "إذا كان الإله غير موجود فكلّ شيء مباح" التي قال بها ديستويفسكي ونؤمن بها نحن بها اتباع الديانات الإبراهيمية. فهناك شعوب كاملة تعيش بديانات بلا إله، وهذه الشعوب من اعلاها في الالتزام الاخلاقي وانخفاض معدلات الجريمة.
كما ان فكرة ضرورة الآخرة والجنة والنار لمنع الناس من القتل والسرقة وارتكاب المعاصي لا تجد دليلا قويا لها عندما نرى أن الشعوب التي تعتنق الاديان التي لا تعترف بالآخرة من أكثّر الشعوب اخلاقا والتزاما.(ناهيك عن المجتمعات اللادينية).
وهذا ينطبق على فكرة الشريعة. فليس للشريعة أي ضرورة واضحة في نجاح الدين أو نجاح المجتمع، واكثر الأديان حمولة تشريعية هي اكثرها انحرافا وفسادا.
ما هو مهم في الدين هو المعتقد البسيط الخالص، والبعد الروحاني، والطقوس. وهي الجوانب التي تشكل الجانب الوظيفي للأديان.
إصرار دين معين على مركزية الإله والنبي والكتاب والشريعة يسحب الناس بعيدا عن جوهر الدين ووظيفته ويحبسهم في الاطار الشكلي الاستعراضي للتدين، ويقذفهم نحو مطبات السياسة والثيوقراطية والاستعباد الديني.
وهذا لا يعني إلغاء فكرة الألوهة والنبوة والتشريع، بقدر ما يعني تخفيف مركزيتها وتبسيطها وتحويلها الى علاقة شخصية رواحانية بلا سلطة سياسية أو قهر اجتماعي.
وهنا تظهر أهمية الاصلاح الديني والعلمنة لتحرير الدين من هيمنة السلطة وترسيخ الجانب الوظيفي الروحاني للدين.