حكومة (أحمد) أم سيادة (عبده)؟

Author Icon الدكتور / علي العسلي

فبراير 10, 2025

اليمني الجديد

في ظل هذا المشهد القاتم الذي يعيشه اليمن، يصبح من الضروري التمييز بين السيئ والأسوأ، بين من يتيح مساحة من الحرية، وإن كانت مشروطة، وبين من يحكم بالحديد والنار ويدّعي امتلاك الحق الإلهي في استعباد الناس.

الشرعية، رغم عيوبها، تظل خيارًا يمكن إصلاحه، بينما المشروع الحوثي لا يقدم سوى الظلامية والتخلف والقمع. السؤال الذي يجب أن نطرحه اليوم:

هل نختار الفساد القابل للإصلاح، أم الطغيان المطلق الذي لا يرى في اليمنيين إلا عبيدًا؟

رغم الواقع البائس، لا يزال الفارق لصالح الشرعية!

في مناطق سيطرة الشرعية، المواطنون أحرار في التعبير عن آرائهم، ينتفضون، يعترضون، ويحققون مطالبهم عبر الحراك السلمي الجماهيري، مما يشكل ضغطًا مستمرًا على الحكومة الشرعية حتى تستجيب لهم صاغرة.

لا أقارن بين الشرعية والحوثيين، فكلاهما يعاني من مشكلات، لكن الفارق واضح؛ فالشرعية، رغم فسادها، تظل الخيار الوحيد لاستعادة الدولة وإعادة العمل بالدستور والقانون، مما يضمن للمجتمع استعادة الحرية والديمقراطية وإجراء الاستفتاءات والانتخابات ليقرر الشعب من يحكمه.

خرجت عدن منتفضة بسبب انعدام الماء والكهرباء، فاستجابت الشرعية على الفور، وتحركت بمستوياتها المختلفة لتوفير الوقود وإعادة تشغيل الكهرباء.

أما في مناطق الحوثيين، فمنذ عشر سنوات لا كهرباء، لا خدمات، لا رواتب، ولا حتى أبسط مقومات الحياة، بل يُمنع المواطنون من التعبير عن رفضهم، ويُزج بالمخالفين في السجون لمجرد تعليق على "فيسبوك" أو الاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر.

هناك، في مناطق الحوثيين، من يرفع علم الجمهورية اليمنية في الأعياد الوطنية يتم اعتقاله، ومن يعبر عن رأي لا يقدّس الحوثيين يُسجن، ليس وحده، بل مع أسرته، كما حدث مع الصحفي يحيى الجبيحي، أو كما حدث مع سحر الخولاني التي اعتُقلت مع طفلتيها الصغيرتين.

هل تتخيلون أن أطفالًا قُصّرًا يُزج بهم في المعتقلات مع أمهاتهم؟ الحوثيون لا يحترمون القوانين ولا الأخلاق ولا القيم، بل ينتهكون الحريات ويدوسون على الكرامة، في سابقة لم يشهد لها اليمن مثيلًا.

مشروع الحوثي: الاستعباد والظلامية

الحوثي يريد فرض "ملازمه" وتجهيل الشعب، يستخدم الناس كعبيد، ويعتبر نفسه ومشرفيه أسيادًا، ويريد حكم اليمن لا عبر الانتخابات، بل كحقٍّ إلهي!

إذن، مع من نقف؟ مع الشرعية، رغم فسادها، لأنها تتيح لنا حق التعبير وحق التغيير والمحاسبة بدون إطلاق رصاصة واحدة؟

أم مع عبد الملك الحوثي، الذي لا يرى في اليمنيين إلا عبيدًا له ولأسرته، ويغرق البلاد في الطائفية والتخلف والدمار؟

همسة...

نحن على بعد يومين من الذكرى الرابعة عشرة لثورة الحادي عشر من فبراير، الرحمة والخلود لشهدائها، والشفاء لجرحاها، وتهانينا لشبابها، وسحقًا لمن ساوم وباع باسمها.

إن كان هناك من عتب عليها، فلأنها وشبابها ونشطائها فتحوا الساحات للحوثيين، ودافعوا عنهم حتى انقلبوا على النظام القائم، وعلى الشباب، وعلى المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني.

نتطلع أن ينهض شباب الساحات من جديد، كما فعل السوريون، لرد العدوان الحوثي.

ختامًا...

إن مواجهة المشروع الحوثي ليست مجرد خيار سياسي، بل معركة وجودية تحدد مستقبل اليمن. الاختيار بين الشرعية والحوثيين ليس مجرد تفضيل بين سيئ وأسوأ، بل بين إمكانية التصحيح والتغيير، وبين نظام لا يؤمن بأي شكل من أشكال الحرية أو الديمقراطية.

إنه عام الخلاص، وعلى الجميع الاصطفاف لطرد الحوثي.

قد تكون حكومة أحمد عوض بن مبارك بعيدة عن طموحات الشعب، لكنها على الأقل لا تدّعي الحق الإلهي في استعباد اليمنيين، ولا تمارس القمع والتنكيل كما يفعل الحوثيون.

في نهاية المطاف، روضة أحمد عوض ولا جنة عبده الحوثي، فاحذروا أن تنخدعوا بمظاهرهم الزائفة، فما أعدّوه باسم فلسطين لن يُوجَّه إلا ضد اليمنيين أنفسهم.

ففي عهد ترامب الأحمق، غزة المدمرة يعلن ترامب استملاكها، والضفة الغربية، الصهاينة يفعلون بها كما فعلوا بغزة، وموقف الحوثي ظهر وبان؛ إن غزة وكل فلسطين ليس لها أي حساب في تحشيداتهم وإعلانهم الزائف، فإن كان لهم موقف، فهو الآن حيث المؤامرة.

وإن كنتم صادقين – ونحن نعرف أنكم كاذبون – فلتعلنوا وقوفكم مع المملكة العربية السعودية التي تتصدى للمخطط وليست فيه يا حوثة، ولتعلموا أن الضفة أخت غزة وليست بنت خالتها، والقدس والأقصى فيها!

زر الذهاب إلى الأعلى