تعيينات الرئيس العليمي في خراب البلاد
طبعا في الوقت الذي تستغيث فيه البلاد من قعر الإفلاس، ويرتجف المواطن من التضخم مثل شجرة لوز يضربها رياح الشمال، يخرج علينا الرئيس رشاد العليمي بتشكيلة جديدة من "التعيينات".
وكأنه يعد فريقا لخوض نهائيات كأس العالم، وليس لحكومة تتسكع على حافة العدم.
ولكن ما الذي نفعله بالبطالة؟ نربعها!
ما الذي نفعله بالعطالة؟ نعلقها في الوزارات كديكور!
وما الذي نفعله بالنفقات؟ نصنع منها ثقبا أسود يبتلع ما تبقى من ريالات لا تزال تحافظ على شكلها الأصلي.
والشاهد يبدو أن الرئيس قرر أن يكرم الخراب، ويُعلي من شأن الفوضى، ويمنح المناصب لكل من يجيد فن الصمت، أو يمتلك خبرة طويلة في التنقل بين أرصفة العجز والفشل. والنتيجة؟ حكومة أشبه ما تكون بحلقة زوامل طويلة: كلٌ يهتف للحزب او للقبيلة التي جلبته، وكلٌ يطبل لصوت الخراب الأقرب إلى قلبه.
والحال إن التضخم يتزايد؟ لا بأس، فلدينا تعيين جديد سيجعله يبدو كجزء من خطة إصلاحية!
العملة تنهار؟ بسيطة، سنصدر قرارا بتعيين وكيل وزارة لشؤون العملات المهترئة!
الدولة تُنهب؟ طبيعي، ما دامت التعيينات تمضي بوتيرة وطنية لا تهدأ!
بمعنى أدق أليس في اليمن سوى أولئك الذين يدورون في فلك المحسوبية؟ أين الكفاءات؟ أين العقلاء؟ أم أن الوطن أصبح ورشة عبث يُدار بمزاج المراهقين السياسيين الذين لا يجيدون سوى تبديل الكراسي وتكرار الوجوه؟
الغريب في الأمر أن العليمي لا ينطق، لا يشرح، لا يبرر. فقط يصدر القرار، ويرمينا بحيرة أخرى من الغضب، كمن يرمي ماء ساخنا على جروح مفتوحة، ويطلب منا أن نبتسم لأن "الوطن بخير"!
ولكن أي وطن؟ الوطن الذي نراه في نشرات الأخبار؟ أم ذلك الذي نتشمم رائحته في الأسواق، فيما الأسعار تنطح السحاب، والناس تنهار، والكهرباء تأتي كزائر ثقيل يحضر مرة في الأسبوع ثم يختفي خجلاً من عجزه؟
على إن ما يجري ليس مجرد إدارة فاشلة، بل هو حفلة ترف بيروقراطي صاخبة على أنقاض أمة تعبة. حفلة لا يحضرها سوى أصحاب العلاقات والصلات والشلليات ، بينما الفقراء يُطلب منهم الصبر... والصمت... والدعاء أن لا تصدر غدا تعيينات جديدة تعصف بما تبقى من ماء الحياة.
لذلك كفى عبثا، كفى ترفا، كفى تدويرا للنفايات السياسية. هذا شعب يمني يريد الحياة، لا تدوينات رسمية تُصدرها الحكومة كأنها تهنئ نفسها على انحدارنا المتواصل نحو قاع اللاشيء.!