شكرا ترامب.. لأنك فضحت "الحياد القطري" بلا رتوش!

Author Icon فتحي أبو النصر

مايو 15, 2025

طبعا شكرا دونالد ترامب، شكرا لأنك قلتها بصراحتك المعتادة التي تُغضب الدبلوماسيين وتُبهج العقول الساخرة: "على إيران أن تشكر أمير قطر".

نعم، فالمعزوفة التي تتغنى بها الدوحة ليل نهار عن الحياد والنزاهة والوساطة والصلح والسلام، تسقط أمام تغريدة رئاسية أو تصريح ناري من رئيس سابق، يفضح ما وراء الستار: قطر لا تُمانع في ضرب العرب، لكنها تتحفّظ على "ضرب إيران".

لكن آه، يا قطر، كم من مرة صفق لك المطبلون حين قلتي "نحن على مسافة واحدة من الجميع"، فإذا بترامب يخرج علينا ليكشف أن "المسافة" كانت مع إيران أقصر، وأقرب، وربما مفروشة بالسجاد العجمي الفاخر.

و يا لها من لحظة كاشفة! طبعا .
رئيس أمريكي لا يوصف بالرقة ولا يُتهم بالكياسة، يعري الموقف القطري بكل بساطة، بل ويكاد يقول لنا: "الدوحة لا تريد حربا مع إيران لأنها تعتبرها صديقا، بينما العرب الآخرون، الجيران والضحايا، يطالبون بالرد القاسي على طهران".
هكذا بكل فجاجة يصف قطر بأنها لاعب ليس محايدا، بل "وسيط بطرفين"، أحدهما يحرك المايك والآخر يحرك الصواريخ!

أما عن مشاعري، فأنا حزين. حزين لأننا صدقنا وهم الحياد القطري لسنوات، وغاضب لأن هذا الوهم يسوق دوليا كقيمة سياسية.
ولكن ترى أي حياد هذا الذي يمنع إدانة إيران وهي تمول ميليشيات تعيث فسادا في اليمن وسوريا ولبنان والعراق؟
نعم ، أي حياد هذا الذي يغض الطرف عن الصواريخ الباليستية المُوجهة لمدن الخليج، ويختار فقط "الحوار والتهدئة" مع من يزرع الموت؟!

لكن، شكرا مجددا يا ترامب، لأنك أثبت للعالم -بطريقتك الكوميدية- أن بعض العواصم تختبئ وراء شعارات السلام بينما تمارس سياسة الأبواب الخلفية.
بل لقد رفعت الستار، وأنت لا تدري، عن مسرحية "السلام القطري"، وعريت ما تحت الثوب من حسابات ومقايضات.

والحق يقال لقد تحدثت، فضحكتنا، وأحزنتنا، وأغضبتنا، وكأنك تقول: "قطر ليست سوى شركة علاقات عامة كبرى، تبيع الحياد وتشتري النفوذ".
ولعل أجمل ما فيك أنك لا تعرف كيف تجامل. لهذا فقط، تستحق شكرا مختلفا: شكرا لأنك أحرجت الجميع بلا خجل، وشكرا لأنك أظهرت ما عجز عن كشفه إعلامُنا المرهق من كثرة التبرير والإنكار.

لاخلص إلى ان، أقول للذين غضبوا من تصريح ترامب: لا تغضبوا، بل استفيقوا. فالمشهد أوضح من أن يُخفى. وترامب، وإن كان لا يُؤخذ منه موقف سياسي دائم، إلا أنه هذه المرة قال جملة واحدة تُغني عن تقارير طويلة: قطر لا تريد ضرب إيران، فاشكروها أيها الملالي!

زر الذهاب إلى الأعلى