الإمامي الزنو .. والإمامي المحترف

Author Icon فكري قاسم

يونيو 25, 2025

لي في صف الحوثة اصدقاء كثر ؛ اغلبهم كانوا زملاء درسنا مع بعض في كلية الإعلام بجامعة صنعاء وعشنا سنين في صحبة جيدة تجمعنا راية وطنية واحدة وعدالة ومساواة وحرية رأي وكلنا ابناء وطن واحد أو هذا ما كنت اعتقده.

وعلى الرغم من اني كنت اسمع بعضهم يتباهون بوشوشة خفية ؛ في بعض الاحيان ؛ بانهم من آل البيت ؛ وكنت انظر الى الامر بوصفه نوع من الاتكاء على ارث قديم لم يعد له سوق رائج بعد ان ساوت ثورة 26 سبتمبر المجيدة بين الجميع ،وبعد ان قضت على اشكال التمايز الطبقي البغيض.
والحق ان هولاك الاصدقاء والزملاء ؛ خلال سنوات الدراسة الجامعية عموما ؛ كانت ظروفهم الحياتية ؛ بكل تفاصيلها ؛ تبدو مأمونة ومتفوقة بشكل ملحوظ ؛ مقارنة باحوالنا اليومية نحن الطلبة اللذين تكعدلنا الى الدنيا من بيوت الايجار ؛ ولم ننكع اليها من قصبة آل البيت ؛ ولم نكن نغبط احدهم او ننظر اليهم بغير عين الصديق المحب .

بل على العكس من ذلك ؛ كنا نلتقي بهم بود خالص ونضحك معهم بقلوب صافية ؛ على الرغم من خلافاتنا السياسية بينما كنا في الغالب طلبة ننتمي لاحزاب مختلفة .
كان غالبيتهم طبعا ينتمون في الظاهر للمؤتمر الشعبي العام ؛ ولكنهم لم يكونوا يدافعون عنه عند اي نقاش حول سياساته الخاطئة ! وكانوا يتحصنون بصورة الرئيس "صالح" في مواضع عدة ؛ ولكنهم لم يكونوا يفزعون معه بأي موقف واضح اثناء احتدام النقاشات المعارضة ضده او ضد سياساته ! ومع هذا كانت حظوظهم في الوظائف وفي الترقي بسرعة ؛ افضل مائة مرة من حظوظنا البائسة نحن ابناء بيوت الايجار .

انا شخصيا تقدمت في ايام الدراسة الجامعية وبعدها ايضا ؛ لامتحانات قبول في وظيفتين احداهن في إذاعة صنعاء والثانية في القناة الفضائية ؛ ولم يحالفني الحظ ؛ على الرغم من اني كنت جدير بهن ؛ ولكن الحظ في كلا الفرصتين ذهب على طبق من ذهب لزميلين محظوظين من آل البيت ! دون ان يترك ذلك اي ضغينة في قلبي لأي احد فيهم ؛ اعتبرتها حظوظ وحملت الضغينة لنظام الرئيس صالح الذي لم يكن عادلا في توزيع الفرص . وكانت الأولوية لأي صاحب ظهر ولاي واحد معه واسطة قوية.
مرت السنين وتخرجت من الجامعة واصبحت صحفيا معارضا لنظام الرئيس صالح ؛واصبح غالبية اولئك الزملاء "حق آل البيت "من اكبر المعجبين والمشجعين لكتاباتي ؛ على الرغم من انهم كانوا قد اصبحوا يتبوئون مواقعا ادارية وقيادية في الوزارات والمرافق الحكومية التي يعملون بها باعتبارهم من صفوة رموز النظام ؛ومع هذا كانوا لما يلقوني في اي مكان يقولوا لي بتقدير وتأييد :
والله انك عيس.. دق ابتهم وراسك لك !

اثناء 2011 بدأت التوأمة بين غالبية اولئك الزملاء من آل البيت وبين الاخوان ؛ والفريقين طبعا كانوا اكثر المستفيدين من نظام صالح ! وانا حينها ؛ لاني مدبر ابن مدبر ؛ كنت قد بدأت اتعاطف مع الرئيس صالح ؛ بسبب خطاب الساحات القبيح ضده وضد افراد عائلته ؛ وزاد تعاطفي معه اكثر واكثر من بعد حادثة تفجير دار الرئاسة .
ولم انزعج حينها من هجوم الاخوان ضدي ؛عندما دافعت عن الرئيس وهاجمت فعائل لؤمهم معه ؛ قدرما إلمني وصدمني رد فعل ذلك الزميل السلالي الذي خطف فرصة الوظيفة مني ؛بعد ان ذهبت اليه على اعتبار انه مؤتمري وانا ناصري ؛ وكانت صدمتي انني كنت مقهور على الرئيس
وعلى مهابة الدولة وهي تتفجر في جامع دار الرئاسة وهو كان مبسوط وفرحان يقول الله اكبر !
حاليا اصبح بعض اولئك الزملاء من آل البيت يتبوئون مواقعا قيادية مختلفة في صف المسيرة القرآنية ؛ يعتاشون منها ولكأنها الحق الالهي الذي عاد اليهم بعد ان انتزعوه من يد الرئيس صالح الذي كان من قبل ذلك ولي نعمتهم !
والغريب ان اكثريتهم جالسين في مواقعهم القيادية يقشقشون الفائدة ويقرطون المحصول بصمت فيما بينهم ؛ تماما مثل الجرذان ؛ ولا تسمع لهم صوت ؛ تاركين مهمة الدفاع عنهم وعن خرافة مشروع الولاية وعن الحق الالهي لشوية زنابيل يقومون بالمهمة الوضيعة نيابة عنهم مقابل فتات يتساقط من كيس المسيرة القرآنية !
هولا ياشعب اليمن : هم اماميين التقية اللذين زادوا علينا وكنا طيبين ونظن انهم ناس طيبين مثلنا وهم ازنو الزنوات.

الامر هذا يتكرر ايضا لدى ثلة لا بأس بها من الاشخاص الذين انسلخوا مؤخرا عن مركب آل البيت ؛ ونبعوا لمركب الشرعية وللمقاومة الوطنية لحسابات مصلحية ؛ وحصلوا فيها على مواقع قيادية و ادارية في غير مكان .
ومع هذا تلقاهم مكوزرين في تلك المواقع ؛ ساكتين ومؤدبين ولا يمكن تلاقي واحد فيهم يطلع صوت واحد ضد جماعته او يهاجمهم ،او ينتقد ممارساتهم او يسفه افكارهم الاستعلائية على خلق الله ؛ او يتكلم عن الجمهورية اللي يقاتل الشعب اليمني في سبيل استعادتها ! كما لو انهم محافظين على العشرة وعلى العيش والملح ،وعلى وشائج القربى مع اخوة الطرف الاخر من عيال القصبة السلالية !

بينما يعيشون بيننا في مواقعهم الوظيفية والقيادية، كما لو انهم مجرد ضيوف مدللين ؛ يحضون بالحفاوة وبالرعاية
وجالسين يقششوا لهم زلط سكتة بسكتة تماما زي الجرذان،
ومايتنازل الواحد فيهم يكتب ولو حتى سطر واحد عن روح وافكار وعقيدة الجمهورية ،الذي يفترض انه انظم الى صفوفها للدفاع عنها من شرور السلالة الانقلابية البغيضة .
وهذا ياشعب اليمن هو اللي يسموه " الإمامي المحترف" النقيلة الذي ترك فريقه الاول ولم يترك المعتقد ؛ وذهب ليحترف اللعب بصمت في فريق الجمهوريين المصفوعين على قفاهم.

زر الذهاب إلى الأعلى