أعراس “الشرعية” المترفة… حين يحتفل الفاسدون فوق جثث الجياع

Author Icon الدكتور / عادل الشجاع

أغسطس 17, 2025

بينما يدفن اليمنيون أبناءهم بسبب الجوع، وتئن المستشفيات من قلة الدواء، ويختنق ملايين الأطفال بسوء التغذية، تطل علينا بين حين وآخر مشاهد مقززة لحفلات زفاف أسطورية، تقيمها قيادات ما تُسمى بـ”الشرعية” اليمنية، في فنادق فاخرة خارج البلاد، وكأنهم ملوك إمبراطورية لا شعبَ لها..

الصور والمقاطع المرئية المسربة أو المنشورة على العلن تظهر قيادات حكومية ونوابًا ووزراءً يحتفلون بزفاف أبنائهم وبناتهم في مدن مثل القاهرة، إسطنبول، الرياض، وأبوظبي، في حفلات لا تختلف عن حفلات أمراء الخليج، مئات الآلاف من الدولارات تُصرف في ليلة واحدة، بينما المواطن في الداخل يبحث عن دقيق فاسد أو دواء منتهي الصلاحية ليبقي أطفاله على قيد الحياة..

هذا ليس مشهدا عابرا، إنه تجسيد صارخ لانفصال تام عن الشعب، وعن أبسط معاني المسؤولية، هؤلاء الذين يتباكون في المؤتمرات والبيانات باسم “استعادة الدولة” يعيشون حياتهم الخاصة وكأنهم في سويسرا، لا في ظل بلد مدمر يعيش واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث..

الشرعية التي فرضت على اليمنيين بعد انقلاب الحوثي، لم تعد تمثل إلا طبقة طفيلية تعيش على أكتاف المأساة، من فنادق الرياض وأبو ظبي إلى شقق إسطنبول والقاهرة، يتحرك المسؤولون بين الاستقبالات والاحتفالات، ويوزعون المناصب والغنائم على ذوي القربى، وكأنهم في غنيمة لا وطن..

حفلات الزفاف هذه ليست مجرد بذخ، إنها إعلان وقح أن الحرب أصبحت تجارة مربحة، وما يؤلم أكثر، أن هذه القيادات لم تكتف بالفشل في إدارة المعركة، بل حولت دماء الشهداء ومعاناة النازحين إلى جواز مرور لمزيد من الامتيازات والرفاهية..

من يدفع ثمن هذا الانفصال الأخلاقي والسياسي؟ إنه المواطن البسيط الذي صدق أن “الشرعية” جاءت٤ لتحميه، لا لتتاجر به.

إلى متى السكوت؟

ما يجري ليس انحرافًا بسيطًا أو فسادًا إداريا عاديا، بل جريمة سياسية مكتملة الأركان، إنها خيانة موثقة في كل صورة زفاف منشورة، وفي كل طبق طعام يُقدم على أنغام العود في الوقت الذي تلتهم المجاعة أحشاء أطفال في الحديدة وحجة والمحويت وتعز ولحج وغيرها من المدن اليمنية..

الشعب اليمني لا يحتاج بعد اليوم إلى شعارات جديدة، ولا إلى خطابات فارغة، ما يحتاجه هو تطهير شامل لكل الفاسدين الذين تاجروا بالوطن، وحولوا قضيته إلى مناسبة اجتماعية للمباهاة والسرقة..

زر الذهاب إلى الأعلى