بيروت..عندما دفنت القومية العربية في حضن مشروع ولاية الفقيه

Author Icon الدكتور / فياض النعمان

نوفمبر 8, 2025

في العاصمة اللبنانية بيروت المدينة التي كانت يوما منارة الفكر العربي وصوت القومية الحرة، اسدل الستار مؤخرا على ما يسمى بالمؤتمر القومي العربي، لكن المؤتمر لم يكن احتفاء بالهوية العربية ولا دفاع عن قضايا الأمة ،و كان مشهد رمزي لدفن القومية العربية في أحضان المشروع الإيراني ،وتحول المنبر الذي كان من المفترض أن يعبر عن وجدان الأمة إلى أداة بيد أذرع طهران في المنطقة.
تحول المؤتمر القومي العربي الذي ولد في بداياته ،كمنبر فكري لمناقشة قضايا التحرر والوحدة والعدالة الاجتماعية إلى واجهة سياسية، تروج لخطاب حزب الله وتبرر جرائم النظام السوري ،وتمنح شرعية زائفة لميليشيات الحوثي الإرهابية في اليمن، والتي ارتكبت أبشع الجرائم بحق الشعب اليمني.

وما زاد المشهد انحطاط أن المؤتمر استضاف زعيم القيادات الحوثية الإرهابية، كضيف شرف ليلقي كلمة تنقل عبر الشاشات وسط حفاوة إعلامية وتنظيمية ،من أدوات إيران في خطوة تعبر عن عمق اختطاف المنبر من قبل مشروع ولاية الفقيه الطائفي.

القوميون والناصريون الحقيقيون الذين ظلوا أوفياء للفكر العروبي الأصيل، أدركوا مبكرا حجم الانحراف الذي أصاب المؤتمر منذ عام 2015 ،عند بدأ حزب الله الإيراني بفرض وصايته عليه وتحويله إلى أداة لتلميع مشاريعه الطائفية .

ومنذ ذلك الوقت أعلن كثير من المفكرين والقيادات القومية مقاطعتهم للمؤتمر، وتجميد عضويتهم فيه مؤكدين أن لا علاقة لهم بمشروع خرج عن مبادئ القومية العربية، وتحول إلى منصة لترويج النفوذ الإيراني على حساب المنطقة.

ما حدث في بيروت محطة فاصلة في مسار انكشاف الزيف ،الذي حاولت طهران تغليفه بشعارات عربية رنانة، فقد حاولت إيران منذ سنوات طويلة أن تتسلل إلى الوجدان العربي عبر شعارات المقاومة والوحدة الإسلامية ومواجهة الصهيونية، لكنها في الواقع كانت تبني إمبراطورية مذهبية عنصرية طائفية توسعية، تمتد من طهران إلى صنعاء مرورا ببيروت ودمشق وبغداد.

ولقد عرى المؤتمر المزعوم آخر أوراق التزييف، وأظهر أن القومية العربية التي يتغنون بها اليوم ليست سوى غطاء أيديولوجي لمشروع فارسي، يسعى إلى هدم مفهوم الدولة الوطنية وتفكيك الهوية العربية الجامعة ،وما جرى في بيروت لم يكن إلا إعلان رسمي عن وفاة القومية الإيرانية الزائفة.

فالقومية العربية اليوم ليست في المؤتمرات المأجورة ولا في المنصات المختطفة ،وانما في مواقف الأحرار الذين يرفضون الخضوع لهيمنة ايران، ويؤمنون أن العروبة لا يمكن أن تكون بوابة لمشاريع الولي الفقيه ولا وسيلة لتبرير الإرهاب الطائفي، وفي النهاية سيبقى الوعي العربي الحقيقي هو من يكتب التاريخ، لا أولئك الذين باعوا القومية في سوق المصالح الإقليمية والإيرانية.

زر الذهاب إلى الأعلى