خطر يتشكل على الحدود تحويل صعدة إلى منصة إرهابية

Author Icon الدكتور / عادل الشجاع

نوفمبر 14, 2025

لم يعد الوجود المتزايد للأفارقة في المناطق الحدودية اليمنية، خصوصا في محافظة صعدة المحاذية للمملكة العربية السعودية، مجرد حركة لجوء عابرة أو موجة نزوح عادية كما يحاول البعض تصويرها، فالمؤشرات الميدانية والاستخباراتية المتداولة تشير إلى أن ثمة مخططا دوليا محكما يجري نسجه في الخفاء، يتقاطع فيه الدور الحوثي مع أجندات خارجية تسعى إلى تفجير خاصرة المملكة بخلق بؤرة إرهابية جديدة تحت مسمى “داعش اليمنية” أو ما يشبهها..

الحدود… ساحة صراع صامتة

تعد محافظة صعدة معقل الحوثيين ومركز نفوذهم السياسي والعسكري، وهي أيضًا البوابة الشمالية لليمن نحو الأراضي السعودية، في السنوات الأخيرة، تكثف الوجود غير المبرر لأعداد كبيرة من المهاجرين الأفارقة هناك، بطريقة تتجاوز ما يمكن تفسيره بأسباب اقتصادية أو إنسانية، تقارير ميدانية وشهادات من السكان تؤكد أن بعض هؤلاء يجري تجنيدهم وتدريبهم في معسكرات الحوثيين، تمهيدا لاستخدامهم كأدوات أمنية أو عسكرية في مشاريع مشبوهة تستهدف المملكة ودول الخليج..

تحالفات الخفاء: من المستفيد؟

ليس سرا أن بعض القوى الإقليمية تتبنى سياسات تسعى إلى إضعاف المملكة وإرباكها في محيطها الإقليمي، هذا النهج لا يترجم بالتصريحات فقط، بل عبر تحريك بيادق على الأرض في أماكن حساسة، من الجنوب اليمني إلى الحدود الشمالية، ومع وجود تنسيق خفي بين أطراف متعددة والحوثيين، قد يراد تحويل تلك المنطقة إلى مرتع للفوضى والإرهاب باسم “داعش”، في مشهد يعيد إلى الأذهان سيناريوهات العراق وسوريا عام 2014..

الهدف الاستراتيجي: ضرب العمق السعودي

الغاية من هذا التحرك واضحة: فتح جبهة إرهاب جديدة تستنزف الجهد العسكري والأمني السعودي، وتربك الداخل، وتشوش على برامج التنمية والمشاريع الوطنية الكبرى. إقامة خلايا متطرفة في خاصرة المملكة سيشكل تهديدا يصعب التعامل معه عبر المسارات التقليدية وحدها، لأن هذا الخطر يأتي من تنظيمات غير نظامية يصعب تتبعها أو التفاوض معها..

لا أمن حقيقي بدون سلام شامل

في الوقت الذي تتطلب فيه المعالجات الأمنية الحازمة، لا بد من التأكيد أن الأمن الدائم لا يبنى بالسلاح فقط، على المملكة أن تسارع إلى إرساء سلام عادل وشامل في اليمن ودعم استقرار الدولة اليمنية ومؤسساتها، لأن الفراغ السياسي والاقتصادي هو الوقود الذي يغذي شبكات التطرف ويحول اليمن إلى قاعدةٍ لانطلاق الفوضى وزعزعة أمن المنطقة، الاستقرار اليمني المنشود يتطلب معالجة شاملة: وقف لإطلاق النار قابل للقياس، عملية سياسية تمثل القوى اليمنية كافة، برامج إعادة إعمار، ومبادرات لإعادة دمج النازحين والمقاتلين سابقًا في بنية مدنية منتجة..

المطلوب الآن: يقظة استراتيجية متوازنة، لأن مواجهة هذا المخطط لا تكون فقط بالسلاح، بل بمنظومة متكاملة تجمع بين الإجراءات الأمنية والسياسية والإنسانية والدبلوماسية..

الخلاصة

ما يحدث على الحدود ليس صدفة، ولا يمكن فصله عن سياق الصراع الإقليمي على قيادة المنطقة، فالمملكة، بما تمثله من ثقل ديني وسياسي واقتصادي، ستظل هدفا لمحاولات الطعن من الخلف، لكن الوعي واليقظة، مع المزيج الصحيح من الحزم العسكري والدبلوماسي ومبادرات السلام العادلة، كفيلة بإفشال كل مخطط يسعى لتحويل أرض اليمن إلى قاعدة انطلاق للإرهاب نحو الداخل السعودي، والحل الحقيقي يبدأ عندما تلتقي القوة الأمنية مع الحلول السياسية والاقتصادية الشاملة..

زر الذهاب إلى الأعلى