حكم في مأرب يعبث بتضحيات وطن

Author Icon الدكتور / عادل الشجاع

ديسمبر 2, 2025

لم يكن أحد ليتخيل أن يصدر عن أحد القضاة في محافظة مأرب ـ المحافظة التي دفعت ضريبة الدم والتهجير والصمود ـ حكم يعتبر فيه الحوثية “غير مجرمة” ويصف الجماعة التي انقلبت على الدولة، وارتكبت بحق اليمنيين أبشع الانتهاكات، بأنها فصيل سياسي يمني!.

هذا الحكم ليس مجرد سطور في ملف قضائي، بل طعنة موجعة لملايين اليمنيين الذين دفعوا من دمائهم وبيوتهم واستقرارهم ثمنا لمواجهة مشروعٍ حاول إسقاط الجمهورية وابتلاع مؤسسات الدولة، هو سقوط مهني وقيميّ يثير صدمة الرأي العام قبل أن يثير الأسئلة!.

كيف يصدر هذا الحكم من مأرب؟

مأرب التي صمدت أمام جحافل الانقلابيين، ووقفت شامخة حين انكسرت مناطق كاملة… مأرب التي احتضنت الدولة وأعادت لليمنيين ثقتهم بقدرتهم على الوقوف من جديد… كيف يخرج منها ـ وهي رمز التضحية ـ حكم يساوي بين الضحية والجلاد، وبين من يدافع عن الجمهورية ومن يسعى لإسقاطها؟.

الأغرب أن هذا التصور يتناقض حتى مع إعلان الحوثية نفسها، فالجماعة لم تقدم نفسها يوما كـفصيل سياسي داخل شرعية الدولة، بل كسلطة أمر واقع تفرض إرادتها بقوة السلاح، وترفض كل مبادئ الدولة الحديثة..

خطر هذا الحكم يتجاوز قاعة المحكمة

حكم كهذا ـ بصرف النظر عن نوايا صاحبه ـ يستخدم فورا كأداة سياسية وإعلامية من قبل الحوثيين لتبييض جرائمهم، ويمس بشكل مباشر:
١.الشرعية اليمنية التي خاضت حربا دفاعية واضحة الأساس.
٢.التضحيات العظيمة التي قدمها الجيش الوطني والمقاومة الشعبية على مدى 11 عاما.
٣.الموقف الدولي الذي صنف الحوثية جماعة إرهابية، واعتبرها خطرا على الأمن الإقليمي والدولي.

إن تمرير حكم بهذا الحجم دون تصحيح أو محاسبة، هو رسالة خاطئة تماما، ليس لمأرب وحدها، بل لكل الجبهات التي ما زالت تدافع عن ما تبقى من الدولة..

دعوة إلى المحافظ سلطان العرادة

المحافظ، وعضو مجلس القيادة الرئاسي، الشيخ سلطان العرادة، هو أكثر من يدرك معنى التضحية ومعنى أن تبقى مأرب قلعة للشرعية، ولهذا فإن المسؤولية تملي عليه:
التدخل العاجل لضمان مراجعة الحكم وفق القانون، ومنع تسييس القضاء أو استخدامه لإعادة كتابة التاريخ، وحماية مكانة مأرب كعاصمة للصمود الوطني..

فلا يجوز أن تتحول منصات العدالة إلى منابر تشرعن الانقلاب، أو تنتقص من دماء الشهداء، أو تهدم ما بناه اليمنيون بصبرهم وصمودهم.

ختاما:

القضاء ركيزة الدولة، وليس لافتة ترفع في وجه التضحيات، ومأرب ليست مجرد محافظة، بل رمز وطني لم ينحنِ يوما أمام المشروع الحوثي..

لذلك فإن تصحيح هذا السقوط ضرورة وطنية، وإعادة الانضباط للمؤسسة القضائية واجب لا يحتمل التأجيل، احتراما للدم الذي سفك، وللجمهورية التي لا تزال تقاتل لتبقى..

زر الذهاب إلى الأعلى