قراءة الموقف: طارق بين الحرج والبراغماتية ومحاولة إعادة التموضع

Author Icon الدكتور |● عبد القادر الخلي

ديسمبر 30, 2025

يمكن القول إن طارق صالح يقف اليوم أمام واحدة من أعقد اللحظات منذ ظهوره العسكري في الساحل الغربي. وجوده في المخا وباب المندب اعتمد – بصورة لا يمكن إنكارها – على الدعم الإماراتي سياسياً وعسكرياً ولوجستياً. لذلك فإن قرار إنهاء الاتفاقية الدفاعية وطلب انسحاب القوات الإماراتية يعيد صياغة موقعه بالكامل داخل المعادلة اليمنية.

أولاً: حالة ارتباك سياسي وليس انهياراً

المتابعة الدقيقة لخطاب وسائل الإعلام القريبة من طارق تكشف تحولاً واضحاً في اللغة:
لا هجوم مباشر على القرار، ولا تأييد واضح له، بل خطاب "ضبابي" يحاول تجنب التصعيد.
هذا الضباب يعكس حقيقة أن قواته تجد نفسها أمام فراغ سياسي مفاجئ: الراعي الإقليمي الأساسي أصبح خارج المشهد، بينما لا توجد ضمانات واضحة من الرياض أو المجلس الرئاسي حول مستقبل هذه القوات.

ثانياً: محاولة كسب الوقت وإظهار الحياد

حتى الآن، تبدو الاستراتيجية لدى طارق قائمة على مبدأ:
"لا تقف ضد القرار… ولا تنخرط في موجة التأييد الكامل."
وهذا السلوك شائع عندما يفقد فاعل محلي داعمه الإقليمي الرئيسي، ولا يريد خسارة كل الأطراف دفعة واحدة.
وبحسب تحليل لعدة تقارير عربية وغربية (العربية، اندبندنت عربية، الشرق الأوسط، المونيتور، ميدل إيست آي، وبعض التحليلات في الصحافة الإماراتية نفسها)، يمكن تلخيص هذه المرحلة كالتالي:
طارق يحاول الحفاظ على قنواته الثلاث: مع الرياض، مع بعض دوائر أبوظبي، ومع المجلس الرئاسي.

ثالثاً: القلق الحقيقي ليس سياسياً… بل عسكرياً

قرار تسليم المعسكرات في حضرموت والمهرة لقوات "درع الوطن" أذا تم فإنه يعني أن مراكز النفوذ المرتبطة بالإمارات تُفكك بصمت.
ورغم أن قوات طارق ليست موجودة هناك، إلا أنه يدرك أن النموذج الذي حدث في الشرق قد يتكرر في الغرب.
بمعنى أوضح:
إذا تحركت "درع الوطن" في الشرق اليوم… قد تتحرك غداً نحو الساحل الغربي دون وجود مظلة إماراتية لحماية وضعه العسكري.

رابعاً: الإمارات لن تتخلى عنه سريعاً – لكن بطريقة مختلفة

الإمارات قد تخرج عسكرياً، لكن خروجها سياسياً من ملف الساحل غير وارد حالياً. الإعلام الإماراتي – رغم حدته تجاه المجلس الرئاسي – لا يزال يقدم طارق كـ “شريك موثوق ووازن”.
لذلك سيظل طارق جزءاً من سردية الإمارات حتى لو انسحبت ميدانياً.
لكن… هذه "الحماية السياسية" لن تكون كافية إذا قرر المجلس الرئاسي إعادة الهيكلة العسكرية بالكامل.

خامساً: هل يستطيع طارق أن يقف منفرداً؟

ليس الآن.
قواته منظمة، لكنها تعتمد على منظومة إسناد إماراتي في:
- التمويل
- السلاح النوعي
- الدعم الجوي
- التسهيلات البحرية
- منظومات الاتصالات الحديثة
وأي تغيير مفاجئ في شبكة الإمداد سيجعله مضطراً للبحث عن راعٍ جديد – وغالباً السعودية – لكن بشروط سعودية مختلفة تماماً.

سادساً: السيناريو الأقرب الآن

من خلال متابعة بعض من تغطيات عربية ومن متابعة كتابات واراء لكتاب مقربين من سلطتي الرياض وأبو ظبي ، فإن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو التالي:
طارق سيحافظ على تموضعه في الساحل، ويدخل في مرحلة "تجميد سياسي" مؤقت، ريثما تتضح العلاقة السعودية – الإماراتية.
لن يدخل في مواجهة مع الرئاسي، لكنه لن يظهر ولاءً كاملاً أيضاً.
سيحاول تقديم نفسه للرياض كقائد "منضبط وقابل للإدماج" ضمن منظومة الجيش الوطني، ولكن دون أن يخسر علاقته بأبوظبي.
بمعنى أوضح:
سيقوم بما يجيده دائماً: اللعب الهادئ بين الخطوط.

زر الذهاب إلى الأعلى