صدور كتاب «ثلاث روايات قصيرة» لحميد عقبي بتقنية تجريبية تجمع بين التكثيف والمشهدية
الثقافة والفن
يصدر حديثًا عن دار متون المثقف بالقاهرة كتاب «ثلاث روايات قصيرة» للكاتب اليمني حميد عقبي، وهو عمل يجمع ثلاث نوفيلات: «سوليتا»، «لا تزوروا قبور اليمن»، و«أنتِ». تم بناء هذه النصوص وفق تقنية سردية مبتكرة تعتمد على خمسين فصلًا، كل فصل مئة كلمة، وهي تقنية ظهرت في مطلع الألفية الجديدة في تجارب أمريكية ويابانية في الكتابة المكثفة.
تقوم الفكرة على جعل كل فصل قريبًا من قصة قصيرة جدًا، لكن في مجموعها تشكّل رواية كاملة ذات مسار درامي واضح.
تستكشف نوفيلات الكتاب ثلاث تجارب سردية مختلفة ، لكنها تتقاطع في ثيماتها الكبرى: الذاكرة، الغربة، هشاشة الوجود، والحدود المتحركة بين الواقع والخيال.
في رواية «سوليتا» يتحرك السرد في فضاء حلمي ومشهدية سينمائية، حيث تتقاطع الأسطورة بالواقع، وتتبدل الأمكنة عبر حراك بصري سريع. تطرح الرواية أسئلة حول الهوية والعلاقة بالآخر، وكيف يمكن للحب أن يصبح بوابة للوصول إلى طبقات أعمق من الذات.
أما «لا تزوروا قبور اليمن» فتأخذ شكلاً أقرب إلى الكوميديا السوداء، إذ تقدّم رؤية فلسفية عن الموت اليمني، ممزوجة بسخرية وجودية من البيروقراطية حتى في العالم الآخر. هنا يصبح الموت امتدادًا للفوضى الدنيوية، في قراءة رمزية للحرب، وللثمن الإنساني الذي يدفعه المجتمع اليمني.
وتأتي «أنتِ» كنص أكثر ذاتية وميتاسردية، حيث يواجه الكاتب صورته الإبداعية عبر شخصية محاورة تكشف صعف العلاقة بين الكاتب ونصه، بين الكتابة والذاكرة، وبين الحب وفقدانه. تطرح الرواية رؤية حول معنى أن يكتب الإنسان من داخل غربته، وكيف تتحول الكتابة نفسها إلى مساحة مراجعة داخلية.
يعتمد الكتاب على تقنية المشهد القصير، حيث يتحول كل فصل إلى لقطة مكثفة، تحمل شحنة شاعرية وبصرية، وتساهم في بناء رواية تعتمد على الإيقاع، لا على الاستطراد.
بهذا العمل، يواصل حميد عقبي مشروعه في تطوير مواهبه السردية القصيرة المكثّفة، بعد إنجازه سبع روايات بهذه التقنية خلال هذا العام 2025، في محاولة تنضم للمغامرات الجادة القليلة لتوسيع أفق الرواية العربية التجريبية.