مسؤولون أمريكيون يظهرون قلقهم مع سعي السعودية لشراء F35
الأخبار العالمية
اثار تقرير استخباراتي في البنتاغون مخاوف من احتمال أن تتمكن الصين ،من الحصول على تكنولوجيا طائرات إف 35 المتطورة ،في حال إتمام الصفقة مع السعودية، وفقًا لأشخاص مطّلعين على التقييم.
وقال الأشخاص الذين تم اطلاعهم على القضية إن مسؤولين في البنتاغون درسوا الصفقة وأعربوا عن خشيتهم من أن تتعرض تكنولوجيا F-35 للاختراق عبر التجسس الصيني أو من خلال الشراكة الأمنية بين الصين والسعودية.
وقد وردت هذه المخاطر في تقرير موسّع أعدّته وكالة استخبارات الدفاع (DIA) التابعة لوزارة الدفاع الأميركية.
وتحاول إدارة ترامب والسعودية الاتفاق على العناصر النهائية لصفقة تقوم بموجبها الشركات الأميركية ببيع 48 طائرة F-35 للمملكة مقابل مليارات الدولارات.
وكان من المتوقع أن يوافق وزير الدفاع بيت هيغسِث على الاتفاق، قبل أن يمر عبر عملية مراجعة مشتركة بين الوكالات، بحسب المصادر.
ومن المتوقع أن يلتقي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، القائد الفعلي للمملكة، بالرئيس ترامب في البيت الأبيض يوم الثلاثاء، وقال مسؤولون أميركيون إن أبرز الملفات على جدول اللقاء هي صفقة F-35 المحتملة واتفاق دفاعي متبادل. وتُعدّ السعودية أكبر مشترٍ للسلاح الأميركي.
وكتب الأمير خالد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي، على مواقع التواصل يوم الثلاثاء أنه اجتمع مؤخرًا مع هيغسِث، ووزير الخارجية ماركو روبيو، وستيف ويتكوف مبعوث ترامب للشرق الأوسط، وأضاف: "استعرضنا العلاقات السعودية-الأميركية وبحثنا سبل تعزيز تعاوننا الاستراتيجي".
ورفضت وكالة استخبارات الدفاع التعليق على تقريرها المتعلق بصفقة الـ F-35، كما لم ترد سفارة السعودية في واشنطن على طلب للتعليق، وقال البيت الأبيض في بيان "لن نسبق الرئيس بشأن محادثات تُجرى في هذا التوقيت".
وكان الأمير محمد ومستشاروه يضغطون أيضًا على الولايات المتحدة للمضيّ في محادثات بشأن مساعدة السعودية على تطوير برنامج نووي مدني، وهو تحرك دفع مسؤولين أميركيين إلى مناقشة ما إذا كانت المملكة قد تستخدم تلك التكنولوجيا النووية في محاولة لتطوير سلاح نووي.
وتسعى إدارة ترامب، مثل إدارة بايدن، إلى دفع السعودية نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكن من غير المرجح أن يحدث ذلك قريبًا، في ظل ارتفاع أعداد القتلى في حرب إسرائيل-حماس، وسياسات الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتشددة تجاه الفلسطينيين.
وتثير الصفقة المقترحة كذلك أسئلة بشأن ما إذا كانت واشنطن ستُقوّض التفوق العسكري النوعي لإسرائيل في المنطقة، فإسرائيل هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمتلك مقاتلات F-35، وقد استخدمتها في ضربات جوية داخل إيران في أكتوبر 2024 ويونيو 2025.
ويسعى صناع القرار الأميركيون إلى ضمان الحفاظ على «التفوق العسكري النوعي» لإسرائيل في المنطقة منذ حرب 1973 بين العرب وإسرائيل، وكانت هناك عملية مراجعة سرية للغاية تمتد لأشهر في إدارات سابقة، تُدرس خلالها أي صفقات أسلحة مقترحة لمعرفة ما إذا كانت متسقة مع هذا الالتزام.
وينصّ موقف الكونغرس على أن الولايات المتحدة يجب أن تضمن قدرة إسرائيل على هزيمة "أي تهديد عسكري تقليدي موثوق"، مع تكبّد "أقل قدر ممكن من الأضرار والخسائر".
ووافقت إدارة ترامب الأولى عام 2020، على بيع مقاتلات F-35 إلى دولة الإمارات كجزء من صفقة تهدف إلى دفع أبوظبي لتطبيع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل ضمن اتفاقات إبراهيم.
وقد اعترض بعض المسؤولين الأميركيين على الصفقة بسبب الشراكة الوثيقة بين الإمارات والصين، وبسبب مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى إضعاف التفوّق العسكري الإسرائيلي في المنطقة.
وأوقفت إدارة بايدن الصفقة في مطلع عام 2021 من أجل مراجعتها، بسبب القلق من احتمال حصول الصين على تكنولوجيا F-35 إذا امتلكتها الإمارات.
وقد قدّمت الولايات المتحدة للإمارات قائمة طويلة من الشروط، من بينها تركيب "قواطع تعطيل" داخل الطائرات تُمكّن الحكومة الأميركية من إيقافها عن العمل عند الضرورة، ورأى المسؤولون الإماراتيون أن هذه الشروط مقيدة ومبالغ فيها، فتلاشت الصفقة.
وظهرت المخاوف نفسها مع السعودية، إذ يناقش المسؤولون الأميركيون مسألة فرض ضوابط لحماية تكنولوجيا الـ F-35، رغم أنه لا يزال غير واضح ما إذا كانت هذه الإجراءات ستُدرج في اتفاق البيع، وما الذي ينص عليه تقرير الاستخبارات العسكرية الأميركية من حلول – إن كان ينص على أي منها.
العلاقات العسكرية بين الصين والسعودية حاضرة في خلفية هذه المخاوف، فالصين تساعد السعودية في بناء صواريخ باليستية والحصول على صواريخ أكثر تطورًا وتشغيلها، وقد عرض نواب ديموقراطيون هذه المخاطر في رسالة وجّهوها إلى الرئيس جو بايدن في يونيو 2022 قبل زيارته الأولى للمملكة.
وقد اشترت السعودية صواريخ باليستية قصيرة المدى من الصين لسنوات، وبدأت مؤخرًا شراء صواريخ صينية أكثر قدرة وأبعد مدى.
كما بدأت في الحصول على التكنولوجيا اللازمة لصنع مكوّنات صاروخية محلية، وإنشاء منشآت إنتاج، وإجراء تجارب إطلاق، بهدف واضح يتمثّل – وفقًا لمسؤولين أميركيين – في القدرة على إنتاج صواريخها بالكامل داخل المملكة.
وقال جيفري لويس، الخبير في مراقبة التسلّح بمعهد ميدلبري للدراسات الدولية في مونتيري بولاية كاليفورنيا، إنه شاهد عبر صور الأقمار الصناعية موقعًا لاختبار الصواريخ في السعودية يُشبه نسخة مصغرة من موقع صيني.
وسيمنح الحصول على مقاتلات F-35 – وهي الطائرة القتالية الأبرز في الترسانة الأميركية – القوات الجوية السعودية ميزات كبيرة في التخفي، وسيساعد طياريها على تقييم ساحة القتال المعقّدة بطريقة تعجز عنها المقاتلات الموجودة لديها حاليًا، بحسب غاريث جينينغز، محرر شؤون الطيران في مؤسسة جينز الاستخباراتية الدفاعية.
وقال جينينغز "تمثل الـ F-35 ذروة الطيران القتالي الغربي، من حيث القدرات ومن حيث المكانة والرمزية".
وقد برهنت الـ F-35 على قوتها خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إسرائيل وإيران في يونيو الماضي، وكانت قدرتها على تدمير بعض الدفاعات الجوية الإيرانية قد مكن الطائرات الإسرائيلية الأقدم من العمل فوق إيران "بمستوى شبه كامل من الحصانة"، وكان ذلك "عاملًا حاسمًا في نجاح إسرائيل"، بحسب جينينغز، بالرغم من أن الجيش الإسرائيلي لم يكشف بالتفصيل عن دور هذه الطائرة خلال الصراع.
وقد تفاخر الرئيس ترامب بصفقاته مع السعودية الغنية بالنفط، خصوصًا في مجال السلاح، وأعلن البيت الأبيض خلال زيارة ترمب للمملكة في مايو، أنه أبرم صفقات بقيمة 600 مليار دولار مع الحكومة والشركات السعودية، كانت أضخمها صفقة أسلحة بقيمة 142 مليار دولار، غير أن بعض المشاريع التجارية التي روّجت لها الإدارة كانت قيد العمل أصلًا قبل تولي ترامب منصبه.