ترمب: تصنيف الإخوان المسلمين كجماعة ارهابية في مرحلته النهائية
الأخبار العالمية
ابلغ الرئيس دونالد ترامب منصة Just the News صباح الأحد إنه سيصنّف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية أجنبية، في خطوة تُعد ضربة قوية لجماعة طالما وُجّهت إليها الاتهامات بزعزعة استقرار الشرق الأوسط وتجنيد الشباب المسلمين وتطرّفهم.
وقال ترامب: “سيتم ذلك بأقوى وأشد العبارات. يتم الآن إعداد الوثائق النهائية".
وجاء إعلان ترامب بعد أيام فقط من نشر Just the News تقريرًا موسّعًا عن أنشطة الإخوان وتصاعد القلق داخل إدارة ترامب، وكان ترامب يفكّر في اتخاذ هذا القرار منذ ولايته الرئاسية الأولى.
وتُعد جماعة الإخوان المسلمين حركة إسلامية تأسست قبل نحو قرن في مصر، لكنها تضم فروعًا وأحزابًا وحركات مرتبطة بها في مختلف أنحاء العالم.
وأصدر حاكم تكساس الجمهوري غريغ أبوت الأسبوع الماضي، قرارًا يصنّف الإخوان المسلمين ومجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR) كمنظمات إرهابية أجنبية ومنظمات إجرامية عابرة للحدود"، وقد رفضت منظمة كير هذا التصنيف ورفعت دعوى قضائية ضد حكومة تكساس، وقالت وفقًا لموقع بوليتيكو إن "القرار، الذي يمنع أعضاءها من شراء الأراضي في تكساس، ينتهك حقوق الملكية وحرية التعبير المكفولة لهم دستوريًا".
ويضغط الجمهوريون في مجلسي النواب والشيوخ، إلى جانب بعض الديمقراطيين، على وزارة الخارجية لتصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية أجنبية.
وكان وزير الخارجية ماركو روبيو قد أشار في أغسطس إلى أن هذا التصنيف "قيد التنفيذ"، لكنه أوضح أن العملية طويلة ودقيقة، نظرًا لامتلاك الإخوان فروعًا عديدة تحتاج كل منها إلى دراسة منفصلة.
وقد اتخذت عدة دول في الشرق الأوسط إجراءات ضد الجماعة، إذ حظرت مصر والأردن الإخوان، بينما صنّفت السعودية والإمارات والبحرين الجماعة كمنظمة إرهابية.
وقد ردّت الجماعة على احتمال تصنيفها إرهابية خلال ولاية ترامب الأولى، قائلة في عام 2019: "سنظل […] ثابتين في عملنا وفق فكرنا المعتدل والسلمي في ما نراه صوابًا، وللتعاون النزيه والبنّاء، لخدمة المجتمعات التي نعيش فيها والإنسانية جمعاء".
وأضافت الجماعة آنذاك: "ستبقى جماعة الإخوان — بفضل الله وقوته — أقوى من أي قرار".
ويُذكر أن شعار الإخوان المسلمين هو "الله غايتنا. الرسول قدوتنا. القرآن دستورنا. الجهاد سبيلنا. والموت في سبيل الله أسمى أمانينا".
ولم يردّ الإخوان المسلمون على طلب للتعليق أُرسل إليهم عبر موقعهم الرسمي باللغة الإنجليزية.
وكشف حاكم ولاية تكساس، غريغ آبوت، يوم الثلاثاء، أنه صنّف كلًا من جماعة الإخوان المسلمين ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) كمنظمتين إرهابيتين أجنبيتين — وهو أمر لم تُقدم عليه إدارة ترامب حتى الآن.
وقال آبوت: "لقد أوضحت جماعة الإخوان المسلمين وكير أهدافهما منذ زمن طويل: فرض الشريعة بالقوة وإقامة سيادة الإسلام على العالم. إن الأفعال التي ترتكبها جماعة الإخوان المسلمين وكير لدعم الإرهاب حول العالم وتقويض قوانيننا عبر العنف والترهيب والمضايقة هي أفعال غير مقبولة".
وأضاف: "اليوم، صنّفتُ جماعة الإخوان المسلمين وكير كمنظمتين إرهابيتين أجنبيتين ومنظمات إجرامية عابرة للحدود. هؤلاء المتطرفون الراديكاليون غير مرحّب بهم في ولايتنا، وأصبح يُحظر عليهم الآن امتلاك أي مصلحة عقارية في تكساس".
واستند إعلان آبوت إلى أن جماعة الإخوان "تُقدّم الدعم لفروع محلية في دول ومناطق مختلفة حول العالم، بما في ذلك مجموعات تمارس الإرهاب دوليًا"، وأن أنشطة تلك الفروع "قُيّدت أو مُنعت" من قبل حكومات أخرى، لأن الإخوان "يمارسون الإرهاب أو يحاولون زعزعة استقرار تلك الدول".
وردّ مجلس العلاقات الإسلامية (كير) بالقول إنهم يتعرّضون للتشهير، وهاجموا آبوت، إذ قالت المنظمة الوطنية لـ "كير" في بيان صحفي: "غريغ آبوت سياسي إسرائيل أولًا، أمضى أشهرًا في إثارة الهستيريا المعادية للمسلمين لتشويه صورة المسلمين الأمريكيين المنتقدين للحكومة الإسرائيلية".
وأضاف البيان: "من خلال تشويه مؤسسة إسلامية أمريكية بارزة أخرى اعتمادًا على نظريات مؤامرة مفبركة واقتباسات مختلَقة، أثبت السيد آبوت مجددًا أن أولويته الأساسية هي تعزيز التعصب ضد المسلمين، وليس خدمة شعب تكساس".
فتح تحقيقات جنائية
وأعلن مكتب آبوت يوم الخميس أن الحاكم وجّه وزارة السلامة العامة في تكساس إلى "فتح تحقيقات جنائية" بحق كير والإخوان المسلمين.
وقال آبوت: "الهدف هو تحديد وتعطيل واجتثاث المنظمات الإرهابية المنخرطة في أنشطة إجرامية داخل تكساس. سنستهدف تهديدات العنف والترهيب والمضايقة ضد مواطنينا. وسنركّز أيضًا على الأفراد أو الجماعات التي تفرض الشريعة بصورة غير قانونية — وهو ما ينتهك دستور تكساس وقوانين الولاية".
من جهة أخرى، قدّم السيناتور تيد كروز، الجمهوري عن تكساس، مع رعاة جمهوريين آخرين في مجلس الشيوخ، مشروع قانون في يوليو يدعو إلى تصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية أجنبية (FTO).
وقال كروز هذا الصيف: "الإخوان المسلمون منظمة إرهابية، وهي تقدّم الدعم لفروع الإخوان التي تُعد بدورها منظمات إرهابية. إحدى تلك الفروع هي حماس، التي ارتكبت في 7 أكتوبر أسوأ مذبحة بحق اليهود في يوم واحد منذ الهولوكوست، بما في ذلك قتل وخطف ما لا يقل عن 53 أمريكيًا".
وأضاف: "إنهم ملتزمون بالإطاحة بالولايات المتحدة وتدميرها، وبالإطاحة بحكومات أخرى غير إسلامية حول العالم، ويشكّلون تهديدًا مباشرًا للمصالح الأمنية القومية الأمريكية. لقد صنّف حلفاؤنا في الشرق الأوسط وأوروبا الجماعة كمنظمة إرهابية، وعلى الولايات المتحدة أن تفعل الشيء نفسه وبشكل عاجل".
كما أعاد النائب ماريو دياز-بالارت، الجمهوري من فلوريدا، والنائب جاريد موسكوفيتز، الديمقراطي من فلوريدا، طرح "قانون تصنيف الإخوان المسلمين منظمة إرهابية لعام 2025" في يوليو، معتبرين أنه "يُطبّق استراتيجية حديثة جديدة لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين العالمية كمنظمة إرهابية".
وقال دياز-بالارت: "للإخوان المسلمين العالميين فروع إقليمية عديدة، بما في ذلك منظمات إرهابية مثل حماس، وهم ينشرون العنف وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط. ولهذا السبب، من الضروري، لحماية المصالح الأمنية القومية الأمريكية، أن نمنع وصول أموال أمريكية لدعم أنشطة الإخوان الخطيرة، وأن نمنع أعضاء الجماعة من دخول الولايات المتحدة".
أما موسكوفيتز فقال إن "الإخوان المسلمين لديهم سجل موثّق في الترويج للإرهاب ضد الولايات المتحدة وحلفائها ومجتمعنا".
وتأسست جماعة الإخوان المسلمين على يد الإمام السني حسن البنا في مصر عام 1928، بهدف إقامة دولة إسلامية — خلافة — تُحكم بالشريعة.
وكان سيد قطب، الذي يُعد أحد أبرز منظّري وقادة الجماعة في أربعينيات وخمسينيات وستينيات القرن الماضي، ثوريًا مصريًا يُعتقد أن دعوته إلى الجهاد ألهمت جهاديين معاصرين مثل أسامة بن لادن وأيمن الظواهري.
وساهم الإخوان في إلهام عدد كبير من التنظيمات المتطرفة التي ظهرت في العقود اللاحقة. فقد كان «الجهاد الإسلامي المصري» — الذي كان الظواهري أحد قادته قبل دمج مجموعته مع تنظيم القاعدة — نشطًا في السبعينيات قبل الغزو السوفييتي لأفغانستان والتدخل الأمريكي فيها، وقد اغتال هذا التنظيم الرئيس المصري أنور السادات عام 1981.
كما ظهر تنظيم "الجماعة الإسلامية" في مصر في السبعينيات، أما "حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية" فقد تأسست في غزة عام 1979 كفرع من جماعة الإخوان، وظلت تشن هجمات ضد إسرائيل منذ ذلك الحين.
وتولى محمد مرسي، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين في مصر، رئاسة الجمهورية عقب استقالة حسني مبارك في فبراير 2011. وشغل مرسي المنصب من يونيو 2012 حتى يوليو 2013، وبعد احتجاجات شعبية واسعة في يونيو 2013، أطاح الجيش المصري — بقيادة عبد الفتاح السيسي — بمرسي من الحكم، والسيسي هو الحاكم الحالي لمصر.
كما تُعد حماس فرعًا من فروع جماعة الإخوان، وترتبط مجموعات ومنظمات إسلامية أخرى ارتباطًا وثيقًا بالجماعة.
وأصدرت جماعة الإخوان المسلمين بياناً بمناسبة ذكرى تأسيسها، شهر مارس من هذا العام، قالت فيه إنّه "على امتداد مسيرتها الطويلة منذ تأسيسها على يد الإمام الشهيد حسن البنّا (رحمه الله)، أولت جماعة الإخوان المسلمين القضيةَ الفلسطينية أهمية كبرى، وظلّت وستظل القضية المركزية للأمة»، وإنّ الجماعة «حدّدت نهجها في التعامل معها عبر تعبئة كل الطاقات الممكنة لدعم مقاومتها والدفاع عن مقدّساتها".
ونشرت صحيفة فري برس هذا الصيف تقريرًا بعنوان: "كيف يستولي الإخوان المسلمون على أوروبا"، واستند المقال إلى تقرير مُسرَّب صادر عن وزارة الداخلية الفرنسية خلص إلى أنّ "استراتيجية الإخوان تقوم على فرض هيمنة أيديولوجية عبر التغلغل في المجتمع المدني تحت غطاء الأنشطة الدينية والتعليمية".
كما أصدر معهد دراسة معاداة السامية والسياسات العالمية — الذي يقول إنه "ملتزم بمحاربة معاداة السامية في ميدان الأفكار"، عدة تقارير تحذّر من جماعة الإخوان المسلمين.
وجاء في تقييم أصدره المعهد عام 2023 أنّ "الإخوان المسلمين يبدو أنهم يشكّلون الإلهام الفكري لجميع الجماعات الإسلامية (وفروعها الجهادية) الناشطة اليوم، مثل داعش والقاعدة وحماس"، وأن "الجماعات الجهادية السنية تستند إلى الجذور الأيديولوجية الراسخة التي أسّسها منظّرو الإخوان البارزون خلال القرن الماضي".
وأصدر المعهد في نوفمبر تقريرًا آخر بعنوان: "التغلغل الاستراتيجي للإخوان المسلمين في الولايات المتحدة".
وجاء في التقرير: "تكشف هذه الدراسة الشاملة وتفحص الحملة الاستراتيجية متعددة الأجيال التي يشنّها الإخوان لتحويل المجتمع الغربي (وخاصة الولايات المتحدة) من الداخل، عبر ما تصفه وثائقهم الداخلية بـ الصراع الحضاري (الجهاد)"، وأضاف التقرير: "على خلاف التهديدات الإرهابية التقليدية، تستغل هذه الاستراتيجية الحريات والمؤسسات الديمقراطية لتحقيق أهداف مناهضة للديمقراطية جوهريًا، في شكل متطور من التطرف غير العنيف يستهدف الديمقراطيات الغربية".
وأصدر مركز الأبحاث المحافظ مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD) في أكتوبر تقريرًا بعنوان: "التطرف الهادئ: الوجوه المتعددة للإخوان المسلمين"، وقال إنّ "اتباع نهج أكثر منهجية تجاه جماعة الإخوان بات متأخرًا جدًا".
وأضافت المؤسسة: "الأفكار التي تحرّك حركة حماس ليست فريدة؛ فهي جزء من التراث الفكري المشترك للإخوان. وقد انتشرت هذه الأفكار بعيدًا عن الإخوان أيضًا، وألهمت تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية وغيرها من المنظمات القاتلة. إن العنف المروّع للقاعدة وتنظيم الدولة يضمن ردًا قويًا من الولايات المتحدة وضحايا آخرين".
ومع ذلك — تقول FDD — "تؤدي هذه الهجمات أيضًا إلى نوع من التراخي تجاه جماعة الإخوان، التي ترفض فروعها في الولايات المتحدة وأوروبا استخدام العنف داخل الدول المضيفة لها".
وأضاف مركز الأبحاث: "لكن على المستوى العالمي، يشكّل الإخوان بوابة إلى الإرهاب، إذ يضخّون في أتباعهم العقائد الدينية والكراهية التي تُبرّر العنف. وأكثر الأعضاء تصميمًا ينتقلون لاحقًا إلى تشكيل جماعات منشقة أو ينضمون فرادى إلى منظمات إرهابية".
كما أصدرت FDD مذكرة هذا الشهر "ترسم خريطة التمويل والقيادة والتاريخ لنشاط جماعة الإخوان في ست دول في الشرق الأوسط، وتُعد نقطة انطلاق لتحديد الفروع التي تستحق تصنيف الولايات المتحدة لها بموجب سلطات مكافحة الإرهاب القائمة"، وقالت المؤسسة إنّ أبحاثها أظهرت لماذا ينبغي على الولايات المتحدة "تصنيف الإخوان المسلمين وفروعهم كمنظمات إرهابية أجنبية".