نساء یصنعن التغییر في تعز: مبادرات لمساواة وعدالة شاملة

الأخبار المحلية
أمة الله عبد الله +

شھدت السنوات الأخیرة في مدیریة الشمایتین، جنوب محافظة تعز، بروز مبادرات نسویة نوعیة، تقودھا نساء محلیات،وتلامس قضایا سیاسیة وأمنیة واجتماعیة، في محاولة لإعادة رسم دور المرأة في الشأن العام، رغم استمرار الحرب وحضورھا في كل تفاصیل الحیاة الیومیة.
ثلاث مبادرات یوثقھا ھذا التقریر جاءت ثمرة جھد نسوي خالص، قادتھ ناشطات ومجموعات نسائیة محلیة بدعم من منظمات مجتمع مدني، مستھدفة تعزیز مشاركة النساء في الحیاة السیاسیة، ودعم حضورھن في المؤسسات الرسمیة، وتوفیر بیئة آمنة للتبلیغ عن الانتھاكات، من خلال تمكین الشرطة النسائیة.
تحالف سیاسي نسوي لأول مرة بالشمایتین في ینایر ،2025 أُعلن عن تأسیس أول تحالف سیاسي نسوي بمدیریة الشمایتین، ضم ناشطات ونساء فاعلات من مختلف الأحزاب السیاسیة، في خطوة تُعد الأولى من نوعھا على مستوى المدیریة.
جاء ھذا التحالف استجابة لحاجة عبّرت عنھا النساء خلال جلسات حواریة متفرقة مع مكونات المجتمع المحلي.

وقد تمثلت أھدافھ في تعزیز تمثیل النساء داخل الھیاكل الحزبیة، وتفعیل دورھن في الرقابة المجتمعیة، إضافة إلى تنسیق الجھود بین مختلف التوجھات السیاسیة حول قضایا المدیریة.
نضال عبد الكریم، إحدى المشاركات، تقول لمنصة ھودج: "التجربة كانت نقطة تحول لي. للمرة الأولى أشعر أن
مشاركتي السیاسیة لھا أثر فعلي. تلقیت تدریبات في الخطاب السیاسي، وشاركت في تنظیم فعالیات حزبیة بكل ثقة."، أما لیلى راجح، منسقة المبادرة، فتوضح: "واجھنا مقاومة من بعض الأطراف، خاصة في البدایة، لكننا تمسكنا بالفكرة، واستطعنا إقناعھم من خلال الحوار والاستمراریة."
حملة لتمكین النساء في المكاتب التنفیذیة
في فبرایر من نفس العام، انطلقت حملة محلیة تھدف إلى تعزیز حضور النساء في المكاتب التنفیذیة، من خلال التدریب والتأھیل وفتح قنوات حوار مع الجھات الرسمیة.
شملت الحملة تدریب عشر موظفات حكومیات في مجالات إداریة وقانونیة، بالتعاون مع مكتب الخدمة المدنیة، كما تم إنتاج مواد توعویة حول الحقوق الوظیفیة للنساء، ومن أبرز نتائج الحملة: تعیین امرأة كمدیرة لمركز نسوي في إحدى قرى المدیریة، وھو ما اعتُبر خطوة نوعیة باتجاه كسر نمط التھمیش الإداري للنساء.
لمیس المسني، منسقة الحملة، تقول: "كثیر من الموظفات كنّ محصورات في أدوار ثانویة، رغم امتلاكھن للكفاءة.
التدریبات واللقاءات زادت من ثقتھن بأنفسھن، ودفعت السلطات لتعدیل بعض سیاساتھا بشكل غیر مباشر."، شیماء محمد، إحدى المستفیدات، تضیف: "بفضل جلسات التدریب التي حصلت علیھا ضمن الحملة، اكتسبت ثقة أكبر في قدراتي القیادیة، والیوم أصبحت أدیر مركزًا نسویًا بشكل رسمي. ھذه المبادرة كانت نقطة تحول في حیاتي."

الشرطة النسائیة: نحو بیئة آمنة للنساء

وفي دیسمبر، شھدت مدیریة الشمایتین تجربة رائدة تمثلت في تدریب عشر نساء وتعیین أربع منھن في صفوف الشرطة المحلیة، بعد أن كانت المدیریة لا تضم سوى شرطیة واحدة.

عزیزة البناء، إحدى الشرطیات المستفیدات، تقول: "لم أكن أتوقع أن أصبح موظفة رسمیة في الأمن، لكن المشروع فتح لنا الباب. الیوم نعمل بثقة، والنساء یعرفن أن ھناك من یستقبلھن ویفھم احتیاجاتھن."، وتوضح رملة المیني، منسقة الحملة: "جاءت الفكرة من المیدان، من قصص نساء فقدن الثقة بالمؤسسات الأمنیة. وجدنا تجاوبًا غیر متوقع من إدارة الأمن."

دعم محلي ونسوي مستمر

ساھمت مؤسسة بنات الحدیدة في دعم ھذه المبادرات عبر تقدیم التدریبات وتأمین الموارد والمتابعة الفنیة، ضمن مشروع "شابات نحو صنع السلام"، تؤكد غادة المقطري، مدیرة فرع المؤسسة: "لم نفرض أي أفكار أو مواضیع.

البنات من المدیریة قدمن أفكارًا جریئة، ونحن دعمناھن لقیادتھا بأنفسھن. النتائج الیوم تتحدث عن نفسھا."
لم تقتصر دور النساء على مدیریة الشمایتین وحدھا، بل برزت نساء أخریات في مدینة تعز ساھمن في تعزیز المشاركة المجتمعیة، كتكتل وھج النسوي بقیادة نسویة ساھم في ترمیم وتأھیل إدارة الأمن في مدیریة الشمایتین، في تجربة غیر تقلیدیة عززت حضور المرأة في المجال الأمني.

وساھمت في تحسین العلاقة بین المجتمع ومؤسسات الدولة حیث ساھم تكتل وھج النسوي في ترمیم غرفتین مخصصتین للنساء داخل إدارة أمن مدیریة الشمایتین، كجزء من مشروع لخلق بیئة آمنة للنساء في المرافق الأمنیة.
تقول دالیا محمد، منسقة "وھج النسوي": "كان لابد أن یبدأ التغییر من المكان نفسھ. جھزنا غرفًا تراعي الخصوصیة والكرامة، وفتحنا النقاش مع المسؤولین بطریقة تشاركیة."

تحدیات

رغم النجاحات، واجھت المبادرات عدة تحدیات، أبرزھا: محدودیة الموارد، بحسب منسقة تكتل وھج، دالیا محمد. وبعض المقاومة المجتمعیة الأولیة، بحسب منسقة حملة التحالف النسوي، لیلى راجح وغیاب سیاسات رسمیة داعمة للنساء على المستوى المحلي، كما أشارت المشاركات في المبادرات، ومع ذلك، أثبتت ھذه التجارب أن النساء قادرات على صیاغة التغییر من القاعدة حین یُمنحن الفرصة والوسائل المناسبة.
وتلخص المشاركات الأثر بقولھن: "المبادرات أظھرت أن إشراك النساء في تحدید أولویات التدخل، ومنحھن المساحة للقیادة، یمكن أن یغیر كثیرًا من الواقع، حتى في مناطق تعاني من ھشاشة المؤسسات."
ما جرى في الشمایتین لم یكن مجرد سلسلة مشاریع عابرة، بل تجربة ملموسة تؤكد أن المرأة قادرة على أن تكون صانعة قرار، لا متلقیة لھ. ورغم التحدیات، فإن ھذه المبادرات خلقت نماذج محلیة یمكن البناء علیھا، وجعلت من مدیریة الشمایتین نقطة انطلاق نحو عدالة ومساواة شاملة في محافظة تعز والیمن عامة.

تم إنتاج ھذه المادة في منصة ھودج

زر الذهاب إلى الأعلى