الدعم الصيني وواقع التوازن في اليمن من خلال تعزيز قدرات الحوثيين

الأخبار المحلية
متابعات +

اكد مركز صنعاء أن الاستخبارات الامريكية والغربية بدأ تنظر مع بدء هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر عام 2023، على الدعم السري الذي تقدمه الصين ، ويعتقد العديد من المحللين أن بكين تستغل التوترات في البحر الأحمر والمنطقة لتعزيز نفوذها ظوتقويض نفوذ الولايات المتحدة، وتلعب دورًا متزايدًا في دعم جهود الحوثيين الحربية.

وحسب تقرير للمركز اعده أسيل سريح فإن الصين لها  مكانةً بارزةً كلاعب خارجي مؤثر في اليمن، إذ تُؤثر على ديناميكيات البلاد الداخلية وعلى المشهد الإقليمي الأوسع.

وفي الاجتماع الأخير مع مسؤولين سعوديين وإيرانيين في 9 ديسمبر/كانون الأول، جددت بكين دعمها لحل سياسي برعاية الأمم المتحدة للنزاع.

ويوضح مركز صنعاء أنه رغم موقل الصين الرسمي الداعم للسلام وعدم التدخل فإن تقرير استخباراتية وتحليلات جيو سياسية متزايدة تشير  إلى أن الصين تُقدم دعمًا غير مباشر للحوثيين ( أنصار الله ) عبر وسطاء كإيران.

هذا الدعم، الذي يشمل تكنولوجيا ذات استخدام مزدوج كالمكونات الصاروخية والطائرات المسيّرة، فضلًا عن صور الأقمار الصناعية، لم يُعزز القدرات العسكرية للحوثيين فحسب، بل عمّق أيضًا اختلال التوازن بينهم وبين خصومهم في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.

ويذهب المركز للماضي للتعريف بالظروف والعلاقات فحسب مراجعاته ،فقد كانت علاقات الحوثيين بالقوى الدولية موضع نقاش واسع منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2014.

ويوضح أن كان هناك ما يشبه الاجماع أن  الدعم العسكري والأيديولوجي واللوجستي الواضح الذي تقدمه طهران للحوثيين إلى أن الأنظار كلها متجهة نحو إيران. لكن ذلك الأعتقاد  لم يعد بذات الأهمية فمنذ بدء هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر عام 2023، ركزت أجهزة الاستخبارات الأمريكية والغربية بشكل متزايد على الدعم السري الذي تقدمه الصين. ويعتقد العديد من المحللين أن بكين تستغل التوترات في البحر الأحمر والمنطقة لتعزيز نفوذها وتقويض نفوذ الولايات المتحدة، وتلعب دورًا متزايدًا في دعم جهود الحوثيين الحربية.

وكسياسة عقابية فرضت واشنطن سلسلة من العقوبات على شركات صينية بتهمة تزويد الحوثيين بتكنولوجيا أسلحة متطورة، تشمل صور الأقمار الصناعية ومكونات إلكترونية للطائرات المسيّرة والصواريخ. وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية في أبريل/نيسان فرض عقوبات على شركة تشانغ غوانغ لتكنولوجيا الأقمار الصناعية الصينية، متهمةً إياها بتزويد الحوثيين بخدمات أقمار صناعية حساسة تُستخدم لاستهداف السفن الدولية في البحر الأحمر.

هجمات الحوثيين المتزايدة

خلال العامين الماضيين، ازداد خطر هجمات الحوثيين بطائراتهم المسيّرة بشكل ملحوظ، حيث لعب الدعم الصيني دورًا كبيرًا في تطوير ترسانة الحوثيين العسكرية. وتعتمد طائرات الجماعة المسيّرة على مكونات صينية ، لا سيما المراوح ووحدات التحكم. وفي مارس/آذار، صادرت سلطات الجمارك الحكومية شحنة تضم 800 مروحة طائرات مسيّرة صينية الصنع كانت في طريقها إلى الحوثيين. وفي أغسطس/آب، اعترضت سلطات مكافحة الإرهاب في عدن معدات طائرات مسيّرة على متن سفينة تجارية قادمة من الصين.

لكن يبدو  الاتهام الأخطر  هو حصول الحوثيين على صور فضائية عالية الدقة من شركات صينية لتحديد مواقع السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر وتتبعها، مما يسهل شنّ هجمات مُستهدفة ضدها.

تقارير عديدة ذهبت للكشف أن الصين تُسهّل وصول الحوثيين إلى مكونات أنظمة توجيه الصواريخ المتطورة عبر وسطاء إيرانيين وشبكات تهريب معقدة. تشير هذه الأدلة مجتمعة إلى أن الدعم الصيني، حتى وإن كان غير مباشر في معظمه، قد ساعد الحوثيين على الانتقال من الاعتماد على الأسلحة التقليدية أو الإيرانية إلى مرحلة أكثر تقدماً تستخدم تكنولوجيا ذات استخدام مزدوج.

وحاولت الصين تجنب مثل هذه الاتهامات  و نفت بكين علناً ارتكاب أي مخالفات، وواصلت الترويج لرواية الحياد في الصراع اليمني. ويعارض الموقف الرسمي لوزارة الخارجية الصينية باستمرار التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ويدعو جميع الأطراف في اليمن إلى الانخراط في " حوار سياسي شامل ". وعلى الأقل علناً، تتمسك بكين بموقفها الداعم للمجتمع الدولي بشأن الحفاظ على الاستقرار في البحر الأحمر، الذي يمر عبره جزء كبير من تجارتها العالمية.

نهج برجماتي مزدوج للصين

يعتبر الباجث أن  الدعم الذي يصل إلى الحوثيين عبر شركات صينية خاصة وشبكات تهريب، يجسد النهج البراغماتي الذي يقوم عليه نهج بكين الأوسع في الشرق الأوسط.

حيث انتهجت الصين في اليمن، نهجاً مزدوجاً. يتمثل الأول في تعظيم المصالح الاقتصادية والأمنية. يشكل البحر الأحمر وخليج عدن ممراً استراتيجياً لطرق التجارة الصينية ضمن مبادرة الحزام والطريق. وأي تعطيل لهذه الممرات قد يؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الصيني. لكن دعم الحوثيين، أو على الأقل التغاضي عن نقل التكنولوجيا، يمنح الصين أيضاً وسيلة غير مباشرة للضغط على الغرب.

أما الثاني فيضمن إمكانية الإنكار المعقول: إذ تسمح الصين للشركات الخاصة أو الواجهات التجارية بالعمل في هذا المجال، وهي استراتيجية تمكّن الحكومة من الحفاظ على رواية رسمية تنفي أي تورط في الصراع اليمني، وبالتالي تجنّب تصعيد التوترات مع الولايات المتحدة أو حلفائها الخليجيين. وهذا يفسر على الأرجح سبب عدم إشارة العقوبات الأمريكية المفروضة على شركات صينية، مثل شركة تشانغ غوانغ لتكنولوجيا الأقمار الصناعية أو شركة هوبي تشيكا الصناعية المحدودة، بشكل مباشر إلى الحكومة الصينية.

من الواضح أن الصين استفادت من هذا التوازن. فغالباً ما تُستثنى السفن الصينية من استهداف الحوثيين لها في البحر الأحمر، حيث تُوجّه الهجمات في الغالب إلى السفن الغربية. ويعزز هذا الاستثناء الضمني فرضية وجود تفاهمات ضمنية، سواء كانت مباشرة أو عبر وسطاء، بين الحوثيين وبكين.

إيران الوسيط الوجستي والسياسي

يؤكد المركز أن دور الصين يتزايد وذلك من خلاا كونها كمورد تكنولوجي للحوثيين، وتلعب  إيران دور الوسيط اللوجستي والسياسي مع حليفها اليمني. ولطالما نُظر إلى طهران على أنها الداعم الرئيسي للجماعة من حيث التدريب والأسلحة التقليدية. ولكن مع إدخال مكونات أسلحة صينية متطورة، أصبح دور إيران أكثر تعقيدًا.

تشير التقارير الاستخباراتية إلى أن الشحنات الصينية تصل أولاً إلى الموانئ الإيرانية، مثل ميناء بندر عباس، قبل إعادة شحنها إلى الحوثيين بحراً أو براً عبر سلطنة عُمان. وفي يناير/كانون الثاني 2025، نقلت سفينتان إيرانيتان أكثر من ألف طن من بيركلورات الصوديوم من الصين إلى إيران ، وهو عنصر أساسي في تصنيع وقود الصواريخ الصلب. ثم أُعيد توجيه جزء من هذه الشحنة إلى الحوثيين.

وتؤدي إيران أيضاً دوراً سياسياً في توفير غطاء للوجود الصيني غير المباشر في اليمن. فبينما تتحمل طهران معظم الانتقادات الدولية لدعمها الحوثيين، تعمل الصين في الخفاء. ويكشف هذا الترتيب عن تقسيم واضح للأدوار: إذ تُقدم إيران الأسلحة والدعم اللوجستي وغيره من أشكال الدعم المباشر، بينما تُوفر الصين التكنولوجيا التي تُعزز دقة وفعالية هذه القوات.

يُبرز هذا التعاون غير المباشر تداخلاً واضحاً في المصالح. تسعى إيران إلى توسيع نفوذها في اليمن باستخدام الحوثيين للضغط على السعودية والولايات المتحدة. في الوقت نفسه، تستفيد الصين من استمرار وجود الحوثيين، إذ يُشكلون تهديداً للنفوذ الغربي ويُعرقلون حركة الملاحة البحرية، كل ذلك دون أن تدفع بكين ثمناً سياسياً مباشراً.

الصين تدعم الحوثيين

حسب ما يكشفه مركز صنعاء فإن الصين قدمت المساعدات  للحوثيين وما يلزمهم من قدرات ومهارات تمكّنهم من تسريع وتحسين قراراتهم القتالية، ما قلّل اعتمادهم على الوسطاء الخارجيين. وقد ساهمت هذه النقلة النوعية في تحويل الحوثيين من جماعة مسلحة في صراع داخلي إلى قوة قادرة على فرض تهديدات في جميع أنحاء المنطقة.

التدخل الصيني أثر فعلا على واقع المعركة " هذه التطورات تأثير كبير على الديناميكيات المحلية في اليمن، وهو ما سيتضح جلياً في أي مواجهة مستقبلية بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دولياً".

فقبل عام 2023، تميزت قدرات الحوثيين بالاعتماد على أسلحة تم الاستيلاء عليها من مخازن الحكومة ودعم إيراني تقليدي، اتسمت بالأسلحة التقليدية والصواريخ ذات الدقة المنخفضة نسبياً، فضلاً عن محدودية الدعم التقني والتدريبي.

أثبت حصول الحوثيين على تكنولوجيا ذات استخدام مزدوج، تشمل قطع غيار الطائرات المسيّرة وأنظمة التوجيه وبيانات الأقمار الصناعية، أنه عامل حاسم في تغيير استراتيجيتهم. ويُظهر ضبط 800 مروحة طائرة مسيّرة أن الحوثيين يُطوّرون "قدرة إنتاجية" تُمكّنهم من نشر أسراب الطائرات المسيّرة بشكل مستمر بدلاً من عمليات متفرقة ومعزولة.

بشكل عام، لا تُعدّ هذه المكونات التقنية مجرد عناصر أساسية في ترسانة الحوثيين، بل تُغيّر أيضاً آليات الحرب، إذ تنتقل من المعارك التقليدية التي تعتمد على كتائب كبيرة وذخيرة ضخمة إلى حملات أكثر تطوراً مدفوعة بالمعلومات والاستخبارات الدقيقة، كما يتضح من هجماتهم على سفن البحر الأحمر منذ نوفمبر 2023. ويُسهم الوصول إلى صور الأقمار الصناعية أو بيانات الموقع الدقيقة - سواء عبر وسطاء تجاريين أو شركات خاصة - في تقليل التأخير في اتخاذ القرارات. وتُمكّن هذه الاستقلالية من المراقبة الآنية، وتحديث الأهداف بسرعة، وتنفيذ ضربات طائرات بدون طيار منسقة، مما يجعل الاستجابات الحكومية والدولية متأخرة بخطوة.

يُتيح الدعم الصيني، الذي غالبًا ما يُخفى عبر شركات مدنية أو سلاسل إمداد تجارية، اتباع نهج أكثر سرية في التعامل مع القوات. تصل المكونات كبضائع مدنية، ثم يُعاد تغليفها وتُنقل عبر موانئ وسيطة قبل وصولها إلى ساحة المعركة. هذه الآلية تعني أن الضغط الدبلوماسي أو الضربات التقليدية غير فعّالة، لأن ما يُقصف أو يُفرض عليه عقوبات ليس بالضرورة قاعدة عسكرية واضحة، بل مكتب شحن أو شركة تجارية متعددة الفروع. والنتيجة هي استمرارية الإمداد عبر طرق بديلة ، وإنتاج أسرع، وتعزيز قدرة الحوثيين على الصمود.

 

زر الذهاب إلى الأعلى