سوريا الجولاني وسوريا الدولة المدنية لكل السوريين

Author Icon حسين الوادعي

ديسمبر 16, 2024

‏ينقسم المشهد السوري ببطء بين تيارين مختلفين حول عدة قضايا.

● أول قضايا الخلاف هو القرار الأممي 2254 الذي يرى فيه جناح الاسلاميين-الجولاني-تركيا عائقا أمام استكمال سيطرتهم على السلطة.
من وجهة نظرهم، القرار لم يعد صالحاً لأن الطرف الآخر انتهى، كما ان إسقاط النظام تم على يدهم وحدهم، دون اشتراك فعلي من الأطراف الثورية الأخرى، ويرون أنفسهم الأحق بقطف الثمرة.

● من الناحية الأخرى تتمسك المعارضة السورية المدنية والناشطين المدنيين بالقرار كسلاح ضروري لدخول سوريا في مرحلة انتقالية، تشارك فيها كل التيارات في صياغة النظام الجديد، وكأداة احتجاج على انفراد الجولاني، حتى الان، بالقرارات.

● هذا الانقسام يخفي وراءه سرديتين كبيرتين بدأتا تتنافسان:
السردية الأولى اقصائية طائفية تقول ان الخلاص من النظام تم على يد الإسلاميين وانه من غير الممكن ان يتقاسموا السلطة مع المدنيين والعلمانيين، الذين عطلت "سلميتهم" الثورة.

وتتوسع هذه السردية لتقول ان الثورة نفسها كانت ثورة الغالبية السنية ،وان انخراط "الاقليات" فيها كان فردياً ومحدوداً، وأن الوقت قد حان لحكم الأكثرية!

● مقابلها تتشكل سردية وطنية جامعة تقول ان الثورة هي ثورة السوريين جميعا ،وان كل الطوائف انخرطت تحت حلم واحد "سورية حرة مدنية" وأن ديكتاتورية الأكثرية، لن تقل وحشية عن ديكتاتورية الأقلية، لإن الحكم سيظل في يد أقلية متوحشة معزولة عن الناس.
وترى هذه السردية أن الإسلاميين ،كانوا نقطة ضعف الثورة وسبب انحرافها نحو الطائفية، وان الظاهرة الجهادية تسلقت على الثورة دون أن تؤمن باهدافها.

● بين "سوريا لكل السوريين" و "سوريا الإسلامية" تتشكل خطوط الصدع الجديدة. لكن المواجهة ليست متكافئة. ففي حين يملك الاسلاميون السلاح والميليشيات والدعم التركي-القطري ويقتربون من نيل الاعتراف الدولي، لا يملك الطرف الاخر غير مساحات العمل المدني السياسي التي فتحها سقوط النظام، والمفتقرة للتنظيم القانوني والمؤسسي.

●الموقف الدولي الذي يشترط الشراكة في نقل السلطة، وحماية حقوق الاقليات والموقف العربي ،المتمثل في اعلان العقبة قد يدعم موقف القوى المدنية في مواجهة الإقصاء.
والخلاف الان يتشكل بين وجهة نظر "أدلبة" سوريا وتعميم تجربة الكيان السني الجولاني، على كامل الجغرافيا السورية، وبين رؤية بناء سوريا الجديدة الديمقراطية المدنية.

* ومع ظهور " التشبيح المعاكس" و المنحكبجية" الجولانية، يخرج السوريون من نشوة التحرير الى تحديات البناء، ومن شعارات الواحدية الى ادارة الاختلاف.

وكل الأمنيات أن تنتصر سوريا كل السوريين.

المصدر: منصة |X|
زر الذهاب إلى الأعلى