لعبد الملك الحوثي : إذا أوجعت أمريكا فتحسس رأسك
لعبدالملك الحوثي: إذا أوجعت أمريكا فتحسس رأسك،
تستطيع تايون مهاجمة الصين والحاق خسائر كبيرة عسكرية وبشرية ومادية بها ،لكن النتيجة النهائية ستكون سحق الصين لتايوان والحاق هزيمة منكرة بها وإعادتها لحكمها. ينطبق الأمر على كوبا إذ يمكنها إرسال صواريخ إلى ولاية فلوريدا الأمريكية وقتل عشرات أو مئات الأمريكيين، ولكن النتيجة ستكون نهاية هزيمة منكرة ونهاية لنظامها السياسي.
خلال التاريخ الحديث توهم بعض القادة بأنهم سينتصرون على قوة أكبر منهم، لمجرد إيقاع خسائر عبر هجوم خاطف، هكذا توهم اليابانيين حين هاجموا قاعدة بيرل هاربر الأمريكية. وهكذا أيضا اعتقد السنوار وأسامة بن لادن، وكثيرون غيرهم.
الحاق خسائر مهما كانت كبيرة بعدو يملك القدرة على إنهاء وجودك، وخاصة إذا كانت هذا الطرف دولة عظمى، يعد عمل أخرق بكل المقاييس؛ فهذا العدو حتى وإن اصابته خسائر معتبرة من الضربة الأولى أو حتى الضربات المتتالية، بإمكانه التعبئة و استجماع قواه، ومن ثم توجية دفة المعركة حتى تحقيق النصر الكامل، مهما كلفه الثمن.
وعندما اقول النصر الكامل فهذا يعني القضاء على المهاجم بشكل نهائي.
يهلل الحوثيون اليوم بعد أن أعلنت أمريكا بأنها خسرت طائرة حربية، تقول الأخبار الواردة أنها نجمت عن مناورة قامت بها حاملة الطائرات هاري ترومان لتفادي هجمات حوثية، وبالنسبة لهم هذه هي أهم إنجاز مؤكد حققوه في مواجهاتهم مع أمريكا ،والتي يدعون بأنها قد الحقت خسائر كبيرة بهم، وهي مزاعم لم تتأكد.
أستطيع أن أتخيل ابتهاج عبدالملك الحوثي والقادة الحوثيين، بعد سماعهم هذا الخبر، والذي سيعتبرونه نصرا نوعيا تحقق لهم وهزيمة مخزية لأمريكا.
لكن الحقيقة التي لا يحب هؤلاء سماعها، هي عليهم القلق بعد سماع هذا الخبر وربما تحسس رئوسهم وبالذات عبدالملك الحوثي.
فعلى افتراض أن الحوثيين بالفعل أصبحوا قادرين على أن يهددوا حاملة الطائرات الأمريكية من خلال إصابتها، أو ما هو أبعد من ذلك من قبيل تعطيلها أو إغراقها، فإن هذه القدرة تمثل لعنة عليهم وليست بشرى خير؛ لأن قوتك هذه ستجلب عليك الدمار ،ولن تحقق لك إي انجاز استراتيجي، مهما حققت من انجازات تكتيكية ففي النهاية هزيمتك الموكدة أمر حتمي ما دام عدوك قادرك على مسحك من الوجود.
وعلى عبدالملك الحوثي أن يفهم المعادلة التالية: عندما تكون موازين القوى مختلة بشكل كبير لصالح عدوك، فإن كل خسارة توقعها فيه فإنها تعجل في زوالك.
ولست بحاجة هنا لأن استعرض موازين القوى بين الحوثي وأمريكا، ففارق القوة بينهما خرافي بكل المقاييس.
أن الأمر المهم الذي يجب على عبدالملك الحوثي فهمه هي: إن العالم، باستثناء قلة من الدول، ترى الحوثي هو المسؤول عنها كونه هو البادي في إشعالها، فمبرراته باسناد غزة لا أحد ياخذها بعين الاعتبار بما فيها دول مثل الصين وروسيا ،وهي الدول التي صوتت على قرارات في مجلس الأمن أدانت الحوثيين في مثل هذه الهجمات.
والى جانب ذلك الغالبية العظمى من اليمنيين ترى في هذه الأعمال مجرد عبث ضار باليمن، الحق بالبنية التحتية والاقتصاد اليمني خسائر كبيرة، وكثير من هؤلاء يتمنون أن تنتهي هذه المواجهات بهزيمة ساحقة للحوثيين.
وليس خصوم الحوثيين من يروا بعدم جدوى القيام بهذه الهجمات، فحتى بعض الحوثيين "العقلاء" يجدون في هذه الأعمال مخاطرة كبيرة لا داعي لها وأنها ستضرهم أكثر مما ستفيدهم.
وكل ذلك يعني بأن عبدالملك الحوثي يشن حرب هو المسؤول عنها، وهو في هذه الحالة لا يشبه الوضع الذي كان عليه، عندما كان هو في خانة المدافع خلال الحرب التي شنها "التحالف"، والذي كان هناك بعض المساندة الداخلية لها والتعاطف الخارجي معها، وبالذات من أطراف وأسعة في الغرب وأمريكا تحديدا.
وبما أن عبد الملك الحوثي هو المعتدي والبادئ فإنه بذلك يمنح أمريكا مبررات كافية لضربه بكل الوسائل، وهذا هو الأمر الخطير علينا كيمنيين.
فاليمنيين العاديين المدنيين، وحتى الجنود ومن يزجهم الحوثي في المواقع التي يطالها القصف الأمريكي، وكذلك البنية التحتية، هم من سيدفع ثمن توسع الغارات، واستخدام أسلحة أكثر تدميرا في حال أوقع الحوثيين خسائر بأمريكا، قد لا تتعدى بضعة جنود.
أما عبدالملك الحوثي فإنه مشغل وضع الإختباء منذ أن أصبح زعيم للحركة الحوثية ، وربما قبل ذلك وهذا يعني أن لعبة الإختباء ليست هواية بالنسبة له وإنما احتراف عالي، تجعله بمثابة معلم في فنون الهربة والإختباء.
وليس عبدالملك الحوثي وحده من هو بارع في الاختباء، فكل الصف القيادي الأول الفاعل هم أيضا خبراء في فنون الاختباء.
ولهذا كله فإن الوصول إلى عبدالملك الحوثي والصف الأول من قيادة الحوثيين لن يكون سهلا، ولن يتم بسرعة كما أتمنى ويتمنى معظم اليمنيين، إلا في حال توفرت معلومات استخبارية دقيقة نتيجة خرق أمني داخل النواة الداخلية للحوثيين.
وبما أن الأمر على ذلك النحو ،فإن من المتوقع في حال حدوث خسائر أمريكية أن يسقط الكثير من الضحايا، وأن تدمر ما تبقى من بنية تحتية متهالكة.
وسيعتمد حجم الضحايا من اليمنيين تبعا لحجم الخسائر الأمريكية، فكلما كانت الخسائر من وجهة نظر الأمريكان كبيرة، والذي قد لا تتعدى عشرات الجنود، فإن الرد الأمريكي سيكون أشد.
وفي هذه الحالة علينا أن لا نتوهم بأن أمريكا ستتراجع وتتوقف عن القصف، في حال حدثت مجازر بشعة على المدنيين، فهذا الأمر لن يحدث، وما حدث ويحدث في غزة يؤكد ذلك.
إضافة إلى ذلك لو قررت أمريكاء التخلص من عبدالملك الحوثي ومن الحركة الحوثية بشكل عام، فإنها لن تدخر وسعا لأن تستخدم كل الوسائل، بما في ذلك إرسال قوات خاصة تلاحقه في المخابئ التي يتحصن فيها، كما أن من المحتمل أن تستخدم أمريكا اسلحة دمار هائلة، وكل ذلك تبعا لما سيلحق بها من أضرار.
قد ينظر البعض لهذا المقال وكأنها نصيحة، نابعة من حرص على حياة عبدالملك الحوثي وجماعته، لكن الأمر ليس كذلك، فبالنسبة لي ولمعظم اليمنيين فإن التخلص من عبدالملك الحوثي والحركة الحوثية كلها ،هو فعل خير لليمن وللشعب اليمني، بغض النظر عن من يكون الفاعل.