هل سيحقق بن بريك ما عجز عنه بن مبارك

Author Icon الدكتور | ●عارف محمد الحوشبي

مايو 4, 2025

تواجه الحكومة اليمنية واحدة من أكثر المراحل تعقيدًا في تاريخها المعاصر، وسط أزمات سياسية واقتصادية خانقة، وتدخلات مباشرة من مجلس القيادة الرئاسي في صلاحيات الحكومة التنفيذية. وهو ما أشار إليه بوضوح رئيس الوزراء المستقيل، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، في خطاب استقالته، حيث تحدث عن معوقات هيكلية عطلت أداء الحكومة، وأعاقت تنفيذ أي إصلاحات حقيقية، بدءًا من شح الموارد وانهيار العملة، ومرورًا بتداخل الصلاحيات، ووصولًا إلى حالة الشلل شبه الكلي التي أصابت مؤسسات الدولة.

واليوم، ومع تكليف الأستاذ سالم بن بريك برئاسة الحكومة، تتجه الأنظار مجددًا إلى مقر رئاسة الوزراء، ويطرح الشارع اليمني تساؤلات مشروعة: هل سيتمكن بن بريك من كسر حلقة الفشل المتكرر؟ أم أن مصيره سيكون مشابهًا لمصير من سبقوه، كفرج بن غانم، الذي اضطر لتقديم استقالته بعدما لم يُمكن من ممارسة مهامه؟

بن بريك يدخل هذا المنصب في ظل تحديات جسيمة، وربما أكثر تعقيدًا مما واجهه بن مبارك. فالاحتياطات النقدية وصلت إلى مرحلة الانعدام، والإيرادات في تراجع مستمر، فيما تظل الموارد السيادية كالموانئ، والنفط، والغاز، خارج السيطرة الكاملة للدولة. هذا بالإضافة إلى حالة الانقسام السياسي داخل مجلس القيادة، التي (وفقاً لما ورد في خطاب استقالة بن مبارك) حالت دون منحه الصلاحيات اللازمة لأداء مهامه.

ومن المؤسف أن تصل الأمور إلى حد غير مسبوق في العمل الحكومي، حين يرفض وزراء حضور اجتماع دوري دعا إليه رئيس مجلسهم، بل وتصل الجُرأة إلى محاولة جمع تواقيع لإقالته، وكأن رئيس الحكومة منتخب من قبلهم، وليس معينًا بقرار رئاسي. وهي سابقة خطيرة، قد لا تتكرر، ولكنها كشفت حجم التشظي داخل جسد الدولة.

ورغم كل هذه المؤشرات التي تدعو إلى القلق، فإن الأمل لا يزال قائمًا. فبن بريك، القادم من خلفية اقتصادية متينة، يمتلك فهماً دقيقًا للملف المالي والإداري، وقدرة محتملة على إعادة هيكلة الأولويات. وإذا ما استثمر خبرته بالشكل الصحيح، ووجد إرادة سياسية حقيقية تمنحه حرية القرار، وتدعمه بإصلاحات تبدأ من داخل مجلس القيادة نفسه، فقد يحقق ما عجز عنه الآخرون.

اليمنيون لا يطلبون المعجزات من حكوماتهم، بل يريدون فقط حكومة مسؤولة، تعيد إليهم الثقة، وتحفظ كرامة عيشهم، وتحد من تدهور العملة، وتوفر الحد الأدنى من الخدمات الأساسية.

ويبقى السؤال الكبير:
هل سيتمكن سالم بن بريك من كسر دائرة العجز، أم أن الاستقالة ستكون ختام تجربته كما كانت نهاية لغيره وبداية لآخرين؟

الأيام وحدها كفيلة بالإجابة، وإن غدًا لناظره قريب.

 

زر الذهاب إلى الأعلى