الحوار مع إيران بعد تدمير مفاعلاتها النووية

Author Icon مروان الغفوري

يونيو 22, 2025

‏على ماذا سيجري الحوار مع إيران بعد تدمير مفاعلاتها النووية؟ هل ستوقف إسرائيل هجومها الواسع ضد إيران؟
أم ستفكر بمواصلة المعركة أملاً في إسقاط النظام؟ هل لديها القدرة الكافية لاحتمال حرب استنزاف طويلة المدى؟ ستواصل هجوماً سيبدو منذ الليلة غير ضروري؟

في حال كانت الضربة الأميركية ناجحة ومدمرة، كما يقول ترامب، هل سيقف التدخل الأميركي عند هذا الحد؟ بحسب نتنياهو فالتهديد الإيراني متعدد المستويات، ومن ذلك البروكسي الإيراني خارج الحدود والصواريخ الباليستية. أي النظام نفسه. هل سيحري التفاوض مع إيران على تجريدها من الاثنين معاً؟

بالأمس كانت هناك أكثر من مقالة على الصحافة الإسرائيلية تتحدث عن الخطر النووي غير المادي، وحددته بالعلماء والباحثين الذين لم يقتلوا بعد، وبالمواد التي خبأتها إيران في أماكن سرية، وبالعزم الإيراني على امتلاك القنبلة. هل ستلاحق إسرائيل ذلك السراب بلا توقف؟ ما نوع السلام المقبول أميركيا، وما درجته المقبولة إسرائيلياً، وكيف ستفرق إيران بين السلام والاستسلام؟

المؤكد إن إسرائيل في قبضة جماعة فاشية خطرة أسكرتها الحروب، وكلما حققت نصراً رأت فيه إشارة على رضا الرب، والرب التوراتي لا يُمجّد سوى بالحروب، وعندما قال يسوع غير ذلك حدث له ما حدث له.

ها هو يسوع اليهود، ترامب، يقوم بالعمل الشاق، ويلمح بالاكتفاء. إيران الجريحة والمكسورة على النحو الذي نراه هي إيران خطرة في العين الإسرائيلية. ما العمل حيالها؟

قال كاتب إسرائيلي بالأمس: نحن رائعون في الضربة الأولى، ثم لا نعرف كيف ننهي حروبنا. وبالطبع، فقد أدى النصر السريع في ٦٧ إلى حرب استنزاف دامت ستة أعوام، ثم إلى العاشر من رمضان ٧٣.

تكذب إسرائيل حين تتحدث عن انتصاراتها السريعة والحاسمة. احتلال بيروت ١٩٨٢ وطرد المقاومة الفلسطينية من لبنان أدى إلى نشوء حزب الله في العام نفسه، وسيأخذها الحزب في حرب استنزاف لأربعين عاماً.

أظن إسرائيل الآن في ورطة: نصر مفتوح على كل الاحتمالات، وأخطر ما فيه هو احتمال أن تنجح إيران في امتصاص الهجوم الأميركي، بل تقبله، وتحييد ترامب. حربها، منذ الليلة، ستبدو بلا غطاء.

تعلم النظام الإيراني من هذه الحرب ما لم يتعلمه خلال نصف قرن: القوة تبنى في الداخل لا خارج الحدود، وبدلا عن إنفاق المليارات في بناء حواجز صد وهمية في اليمن والعراق كان عليها بناء قوة جوية ومنظومات تجسس وإنذار ودفاع جوي، وشبكة ملاجئ. فوق كل ذلك: وحدة وطنية تحترم التنوع وترعاه، ولا تدفع جزء من الشعب إلى خيانة نظامه والإبلاغ عنه!

إسرائيل تدرك أن الجيل الجديد من قادة إيران - الجيل الخامس- قد يتعلم الدرس ويعاود الكرة كما فعلت مصر ما بعد الناصر.

هذه الورطة تجعل إسرائيل واقعة في شبكة لانهائية من الحروب، كل حرب تفتح الباب إلى أخرى. ربما كان خيار إسقاط النظام مفضلا لدى قادة تل أبيب.

الضربات الجوية لا تسقط الأنظمة. وإذا كانت إسرائيل عاجزة عن مراقبة غزة وجنوب لبنان، فإن مراقبتها لأجواء بلاد مساحتها ثلاثة أضعاف أوكرانيا تبدو مهمة مستحيلة. تملك إيران المادة والخبرة والإرادة والعقل، وهذا يكفي لصناعة القنابل. ما العمل؟ قنابل ترامب دمرت المفاعلات النووية ولكنها ألقت بإيران، بلا رجعة، إلى الحضن الصيني، وعلمتها أشياء كثيرة. وفوق هذا: خلقت أسباباً للحرب القادمة.

القنابل لوحدها لا تحسم المعارك، النظام الإيراني سيء السمعة، وهو ظاهرة جهادية قذرة أكثر من كونه منظومة حكم سياسية. وهو بهذا يشابه إسرائيل، ولا تتفوق عليه أميركا أخلاقيا بالنظر إلى سجلها الطويل في المروق والخطيئة.

وكما قال شاعر أميركي في سبعينات القرن الماضي:
دعونا نلق بالقنبلة الأكبر
وننظر ماذا سيحدث.

لننظر ماذا سيحدث.

 

زر الذهاب إلى الأعلى