أي سياسة إعلامية أجدى لرئاسة الوزراء: الصمت أم الاستعراض ؟!
تبنّى رئيس الوزراء السابق أحمد عوض بن مبارك سياسة حضور إعلامي مفرط، كانت - إلى جانب عوامل أخرى أكثر موضوعية - سببتً في التوتر الذي شهدته فترته ،مع بقية أذرع مؤسسات الدولة وأجنحتها.
أما رئيس الوزراء الحالي الاستاذ سالم صالح بن بريك، فيبدو أنه يعمل بصمت. وقد رافق تولّيه هذا المنصب في فترة وجيزة عودة الانسجام إلى المجلس وتحسّن أولي، لكنه عميق، في مستوى الثقة بالحكومة، نتيجة تغييرات في سعر العملة اليمنية وافتتاح معركة كبح المضاربة النقدية.
جرت العادة أن تقدّم كل حكومة وعوداً أكبر من طاقتها وغير قابلة للتنفيذ، وقاد الأمر إلى فقدان ثقة بالشرعية والدخول في دائرة مغلقة من العنف اللفظي ،وتهتك نسيج الادارة العامة.
هذه الفترة من الهشاشة الحكومية، الممتدة منذ سنوات، تُعدّ حرجة من حيث التحديات العملية، ومن حيث قالب العلاقة الذي تشكّل تدريجيًا بين مكونات الدولة، سواء على الصعيد الإداري، حيث أصبحت كل وحدة إدارية تُدار كأنها دولة مستقلة، أو على الصعيد السياسي، حيث يسعى كل طرف إلى الاستحواذ على جهد الآخرين، ولعب دورين متناقضين: دور الجهاز التنفيذي، ودور المعارضة السياسية.
وهي كذلك فترة مليئة بالصعوبات والانتكاسات الاقتصادية، ومحاولات المحليات انتزاع السلطة من الحكومة، وهي لذلك لا تحتمل هذا النوع من الحضور الإعلامي الطاغي والشعبوي بحسب البعض؛ لأنه قد يثير حساسيات فردية، ويعزز نفوذًا لا يخدم فرص النجاح في إدارة الشأن العام.
لكن هذه الدعوة إلى الحصافة لا تنكر أهمية ظهور إعلامي متزن في الوقت المناسب سيما في لحظة الكوارث.
على سبيل المثال، يبرز تنافس خفي حول مَن يُنسب له الفضل في تحسّن سعر العملة.
لن أبتّ في هذا الأمر، لأني أفضّل عدم الخوض فيه حاليًا، وذلك لعدة أسباب، منها:
1أن الظرف لا يزال هشًّا، والتحسن مرهون بنتائج لن تظهر إلا بعد شهور، وتنعكس على الدورة الاقتصادية، لذا من المبكر الحديث عنها، مع عدم إنكار وجود لمسة من النجاح.
2أننا سننزلق إلى جدل قد يؤدي إلى نتائج عكسية، وربما يلزم رئاسة الجمهورية أن تمسك بزمام الأمور، وتضع خطابًا عامًا يسمح بالانتقال إلى الخطوة التالية، ويوفّر الحد الأدنى من الانسجام داخل المؤسسات المعنية بالإصلاحات المالية والاقتصادية.
3 ان ادارة ملفات الدولة ينطوي على قدرة كبيرة في جمع جهد وحدات جديدة لتحقيق هدف واحد. لذا ما تحتاجه الحكومة الان هو مايسترو يعرف هدفه ويترك كل عضو يعمل.
اقدّر الحذر الذي تنتهجه رئاسة الوزراء والهدوء التي تصبغه على حياة المجلس وتفاعلاته.
القصد من هذا المنشور هو التنويه إلى نوع السياسات الإعلامية التي يمكن أن تعتمدها رئاسة الوزراء في هذه المرحلة، لتكون عونًا لها في إنجاز المهام المطلوبة. والإشارة إلى أهمية الاستفادة من تجارب الماضي الإعلامية والتركيز على هدف إنجاح مهام الحكومة خارج الطموحات السياسية - الفردية المشروعة - التي، بطبعها، تقتضي الانخراط في حملات دعائية انتخابية في بلاد منكوبة بالحرب ودن حياة حزبية متعافية.