أسوأَ ما في المشكلة اليمنية أننا نفتقدُ أصحابَ رأيٍ!

Author Icon علي المقري

نوفمبر 15, 2025

صحيحٌ أن هناك قلّةً يمتازون بمواقف حرّة، إلا أنّ السلطات والميليشيات قامت إمّا بتدجينهم عبر المناصب والهبات المالية والرواتب الخاصة، أو عبر قمعهم وسجنهم وإسكاتهم بطريقة مباشرة من خلال التهديد بالمسّ بكرامتهم أو ممتلكاتهم!

لذا، علينا أن نبكي كلَّ يومٍ زعيماً مثل عمر الجاوي، وخطيباً مثل محمد الربادي، وشاعراً مثل عبدالله البردوني، وبرلمانياً مثل يوسف الشحاري وعبدالحبيب سالم مقبل.

فهؤلاء كانوا أصحابَ رأيٍ، ولا يتبعون أصحاب دكاكين يوهمون صحافيين وكتّاباً أنهم رابحون إذا مضوا معهم واشتروا بضاعتهم، وهم يعرفون أن ذلك مقابل كرامتهم وسمعتهم وصِفَتِهم!

فمن المؤسف أن نجد أجمل الموهوبين في اليمن من صحافيين وكتّاب وشعراء قد تحوّلوا إلى أصوات في جوقات يتغنّون بالميليشيات ويمجّدون انحطاطها. فهناك من يرى أن الكهنوتيين في صنعاء وصعدة هم الحلّ بحكم سيطرتهم على الواقع، ويتفلسف في شرح مفهوم الولاية والصرخة وتحمّل الجوع أثناء “مقاومة العدوان”. وهناك من يمجّد سيّده المقيم مع عائلاته في سبعِ فلل خارج اليمن، فيما هو، في عدن أو تعز، يخاف أن تنطفئ الكهرباء قبل أن ينشر منشوره على فيس بوك، فتقلّ مكافأته المشروطة بعدد المنشورات الممجِّدة.

جميعُهم يعرفون أن ممارساتهم ليست هي طريقَ الحلّ لليمن، إذ الكلّ يحاول أن يستولي على السلطة أو يكونَ له نصيبٌ فيها، بغضّ النظر عن شكل هذه السلطة، حتى وإن كانت مدخلاً لفخٍّ جديد يعيد إنتاج الأزمة بطرق مختلفة لا تؤدّي إلى مستقبل مستقرّ لليمن واليمنيين.

مؤسفٌ أن نفتح فيس بوك وتويتر ونجد هذا مع طارق، وهذا مع حمود، وهذا مع عيدروس، وهذا مع… ولا تجد أحداً مع اليمن!

حتى أولئك الكتّاب والصحافيين من الاشتراكيين والناصريين اكتفوا بما يجنونه من بعض المناصب الهزيلة مقابل تقديم شروحاتٍ للوضع الحالي لدى المنظمات الأممية. وإذا أبدع بعضُهم فإنه سينتقدُ الانقلابات التي قام بها حزبُه أو تنظيمُه، فيما لا يدرك أننا نعيش حالَ انقلاب كلَّ يوم! انقلاب على حياة اليمنيين وتاريخهم ومستقبلهم، على كلّ وجودهم، ومن قبل كلّ الطُغَم المتسلّطة في شمال اليمن وجنوبه وغربه وشرقه!

 

زر الذهاب إلى الأعلى