مشادة كارفخال ولامين يامال تشعل توتر في الكرة الأسبانية

أشعلت مشادة داني كارفخال ولامين يامال بعد كلاسيكو برشلونة وريال مدريد أجواء التوتر في الكرة الإسبانية، وسط مخاوف من انعكاس الخلاف على انسجام المنتخب الإسباني قبل المنافسات المقبلة.

بمجرد نهاية كلاسيكو إسبانيا بين برشلونة وريال مدريد (انتهى بفوز ريال مدريد بهدفين مقابل واحد على برشلونة)، توجه داني كارفخال لاعب "الميرنغي" إلى نجم برشلونة يامين لامال قائلا له إنه "يتحدث كثيرا". وذلك في إشارة إلى تصريحات يامال النارية، التي اتهم فيها مؤخرا ريال مدريد بالاستفادة من الحكام، ما جر عليه موجة غضب كبيرة.

واعتبر ريال مدريد أن تصريحات لامين يامال "غبية" وكذلك "غير محترمة"، حسب ما أوردته صحيفة "موندو ديبورتيفور" الإسبانية.

وبعد وقت قصير من مشاداة داني كارفخال مع لامين يامال في مباراة الكلاسيكو، قام هذا الأخير بإلغاء متابعة زميله كارفخال في المنتخب الإسباني على تطبيق "إنستغرام"، في خطوة تفتح باب القطيعة بين الثنائي، وقد تؤثر على غرفة ملابس المنتخب الإسباني.

خطوة للوراء!

وقد يبدو أن خلاف كارفخال ويامال مجرد مشادة بسيطة بسبب ضغط مباريات الكلاسيكو، إلا أن الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات داخل المنتخب الإسباني، خاصة وأن الثنائي يتقاسمان غرفة ملابس واحدة.

وتسود مخاوف من أن مشادة كارفخال مع يامال ليست مسألة ثانوية بل قد تزرع بذور عدم الاستقرار في تشكيلة المنتخب الإسباني لكرة القدم.

ويتمتع كارفخال بثقل كبير مع منتخب "لاروخا"، ويُعتقد أن على اللاعب أن يُجسد قيم المجموعة بدلا من الدخول في مشادات لا تصب في صالح منتخب إسبانيا.

أما لامين يامال البالغ من العمر 18 عاما فقط، فإنه يعد حاليا واحدا من أفضل اللاعبين في العالم. ويُعتبر لامين أحد أكبر آمال إسبانيا في الفوز بكأس العالم القادمة للمرة الثانية في تاريخ إسبانيا. لذلك، هناك مخاوف حقيقة من أن تلك الحادثة والصراع بين الأندية قد يؤدي في النهاية إلى تفكك وحدة المجموعة.

من جهة أخرى، قلل ماركوس سينا لاعب المنتخب الإسباني السابق من حدة تأثير حادثة كارفخال ويامال على المنتخب الإسباني. وقال سينا الفائز بكأس الأمم الأوروبية مع إسبانيا في عام 2008: "في زماني كان يُقال إن لاعبي برشلونة وريال مدريد لا يتفاهمون. لكن عندما كنت هناك، كان الأمر عكس ذلك تماما".

وأضاف الدولي الإسباني السابق في تصريحات نقلها موقع "ليبيرتاد ديجيتال" الإسباني :"لا داعي للخوف من هذا التنافس الصحي، طالما أنه في إطار الاحترام".

تحرك سريع!

في المقابل، لفتت إذاعة "كادينا كوبي" الإسبانية أن هناك قناعة لدى مجموعة من قادة المنتخب الإسباني على ضرورة التحرك من أجل وضع حد لتفاقم الوضع بين كارفخال ويامال.

وأضافت أن لا أحد داخل مجموعة مدرب المنتخب الإسباني لويس دي لا فوينتي- لا أحد- يرغب في أن تؤثر هذه القضية على الأجواء داخل منتخب "لاروخا"، الذي يُعد مرشحا فوق العادة للفوز بكأس العالم 2026.

وأردفت أن الحديث مع الثنائي كارفخال ولامال هو الوسيلة الأفضل للحفاظ على "التوازن الدقيق" داخل غرفة ملابس المنتخب الإسباني، التي تضم لاعبين من ريال مدريد وبرشلونة.

مشكلة كبيرة أمام دي لا فوينتي

ورغم محاولة عدة أطراف إسبانية تجاوز "أزمة" كارفخال ويامال، إلا أنه هناك مخاوف "حقيقية" من ارتدادات ذلك على انسجام المنتخب الإسباني.

وأشارت صحيفة "إل ناسيونال" الناطقة بالإسبانية أن لامين يامال يحظى بدعم كبير من بعض لاعبي المنتخب الإسباني على غرار بيدري ونيكو ويليامز. فيما يحظى كارفخال بدعم زميله دين هويسين، الذي "لم يتحدث حتى بكلمة واحدة مع لامين طوال المباراة (الكلاسيكو)".

وأردفت أن مدرب المنتخب الإسباني لويس دي لا فوينتي يُراقب الوضع حاليا بقلق شديد، مضيفة أن هذه "ليست المرة الأولى"، التي تحدث في "انقسامات" داخل المنتخب الإسباني بسبب "التوترات" بين اللاعبين.

وواصلت "إل ناسيونال" أن المنتخب الإسباني مر بفترة هادئة ساعدته على الفوز بعدة ألقاب، كان آخرها كأس الأمم الأوروبية.

وأضافت أن منتخب "لاروخا" يواجه الآن عاصفة داخلية، حيث يجد المدرب دي لا فوينتي نفسه أمام تحد كبير، لا يقتصر فقط على مواصلة تحقيق الانتصارات، بل أيضا إعادة بناء غرفة ملابس "مُتصدعة" بسبب تصرفات وكلمات عكرت صفو الأجواء.

نيران كارفخال الصديقة!

وليست هذه المرة الأولى، التي يثير فيها نجم ريال مدريد داني كارفخال الجدل داخل الأوساط الرياضية الإسبانية، فقد سبق لكابتن المنتخب الإسباني أن هاجم أيتانا بونماتي نجمة سيدات إسبانيا في عام 2023.

وكانت بونماتي لاعبة فريق برشلونة قد اتهمت اللاعبين الذكور بعدم دعم قضاياهم، وذلك على خلفية "حادثة القبلة" الشهيرة.

يشار إلى أن لويس روبياليس رئيس الاتحاد الإسباني الأسبق لكرة القدم قبل لاعبة الوسط جيني هيرموسو على شفتيها، خلال مراسم تتويج إسبانيا بكأس العالم للسيدات في عام 2023 ، وهو ما أثار موجة "غضب" واسعة في إسبانيا، انتهت باستقالة روبياليس من منصبه.

وقال داني كارفخال "في الحقيقة، لا أعلم ما الذي تقصده بالمزيد من الدعم أو عدم الدعم". وأضاف في تصريحات خص بها صحيفة "ماركا" الإسبانية: "في النهاية حدث ما حدث".

ويشتهر داني كارفخال بأسلوبه الذي يوصف بـ"القتالي" فوق المستطيل الأخضر، إذ غالبا ما تُوجه له اتهامات باللعب بخشونة زائدة، وارتكاب تدخلات عنيفة قد تتسب في إصابات خطيرة للاعبين.

ولا تقتصر طريقة لعب كارفخال "الصلبة" على المباريات أمام الفرق الكبرى، بل إن الأمر يشمل كل المبارايات التي يحمل فيها كارفخال سواء قميص "النادي الملكي" أو "لاروخا"، وهو ما يُعزز فكرة أن داني كارفخال يلعب بصلابة طبيعية.

وتثير بعض تصرفات داني كارفخال الجدل في الأوساط الرياضية الإسبانية وخارجها، إذ يشتهر لاعب ريال مدريد بلسانه "السليط" وتصرفاته، التي تضعه في مرات متعددة تحت مرمى الانتقادات. وكان كارفخال قد فاجأ كثيرين حين نفى "وجود العنصرية" في إسبانيا، رغم تعرض زميله في الفريق فينيسيوس جونيور لسلسلة من "الحوادث العنصرية" فوق الملاعب الإسبانية.

وقال كارفخال :"لا أعتقد أن إسبانيا بلد عنصري، بل أعتقد أن لدينا مستوى عالٍ جدًا من الاندماج". وأضاف في تصريحات نقلها موقع "فوتبول إسبانيا" إنه لن يتردد في انتقاد زميله في الفريق فينيسيوس جونيور.

كما واجه داني كارفخال في عام 2017 اتهامات بإطلاق إهانات عنصرية في حق اللاعب الكولومبي ولاعب فريق ليفانتي الإسباني جيفرسون ليرما خلال إحدى المباريات. ويُزعم أن ظهير ريال مدريد استخدم كلمة "قرد" وعدة ألفاظ أخرى اعتبرت "مُهينة"، حسب ما ذكره موقع "سي" الإسباني.

يامال..بطل وخصم معا!

ويعتبر لامين يامال أحد أبرز المواهب حاليا في عالم الساحرة المستديرة. واحتل نجم برشلونة المركز الثاني في سباق التتويج بجائزة أفضل لاعب في العالم هذا العام، والتي ذهبت في النهاية إلى عثمان ديمبيلي نجم فرنسا وباريس سان جيرمان.

وتتركز الأنظار بشدة على كل صغيرة وكبيرة في حياة لامين يامال، الذي يُعتقد أنه سيسير على نهج أسطورة برشلونة ليونيل ميسي، ويقود الفريق الكتالوني والمنتخب الإسباني إلى منصات التتويج في أكثر من مرة.

ويتمتع لامال بموهبة كبيرة فوق المستطيل الأخضر، لدرجة أن أسطورة فرنسا وريال مدريد زين الدين زيدان قال إنه "لم ير في حياته" مثل المستوى الذي قدمه يامال العام الماضي أمام إنتر ميلان في مباراة برسم دوري أبطال أوروبا، حسب ما أورده موقع شبكة "إر إم سي" الفرنسية.

لكن بعض تصرفات لامين يامال تجر عليه بعض الانتقادات بين الفينة والأخرى. وكان فان دير فارت نجم منتخب هولندا السابق قد انتقد يامال بشدة قائلا إن سروال (يامال) منخفض قليلا كما أنه لا يحاول جاهدا، وفق ما تناقلته وسائل إعلام أوروبية مختلفة.

ولم يتأخر لامين يامال في الرد على فان دير فارت، حيث احتفل لامال بالتسجيل في شباك المنتخب الهولندي بخفض سرواله، وهو ما اعتبر رسالة موجهة إلى فان دير فارت.

خلفية مهاجرة

رأى لامين يامال النور في إحدى بلديات إقليم كتالونيا، وفي حي شعبي (متواضع) لعائلة مهاجرة من أب مغربي وأم من غينيا الإستوائية. ولم تكن حياة صاحب اليسرى الساحرة مفروشة بالورود، فقد انفصل والداه وهو في سن صغيرة للغاية.

اكتشف لامين مبكرا شغفه بكرة القدم، ولفتت موهبته الأنظار في سن مبكرة. انضم لامين يامال إلى برشلونة، واستطاع أن يتسلق سلم النجومية بسرعة جنونية. تعرف عليه عشاق كرة القدم لأول مرة في الـ 29 أبريل/نيسان 2023، حين ظهر لعب لأول مرة مع برشلونة في مباراة أمام فريق ريال بيتيس. وأصبح لامين يامال أصغر لاعب لبرشلونة يشارك في الدوري الإسباني لكرة القدم.

ويعتقد كثيرون أن قصة نجاح لامين يامال تعد مثالا مميزا على نجاح أشخاص من أصول مهاجرة في المجتمعات الأوروبية. ولا يُعد لامين يامال اللاعب الوحيد في تشكيلة المنتخب الإسباني من أصل مهاجر، فهناك أيضا نجم أتلتيكو بيلباو نيكو ويليامز، الذي يُعد أحد الأعمدة الأساسية في تشكيلة منتخب "لاروخا".

وتحول لامين يامال إلى رمز لأخلاقيات العمل الشاق التي تميز حي "روكافوندا"، الذي ينحدر منه. كما أنه غير تلك النظرة التي حاول حزب فوكس اليميني المتطرق إلصاقها بحي "روكافوندا" وغيره من الأحياء، التي يقطنها أشخاص من أصول مهاجرة في إسبانيا. وكان حزب فوكس قد وصف الأحياء مثل "روكافوندا" بأنها :"أوكار متعددة الثقافات"، حسب ما أوردته صحيفة "الغارديان" البريطانية.

ويُخشى أن تفتح حادثة الكلاسيكو مجددا النقاش في إسبانيا عن اللاعبين أصحاب الأصول المهاجرة في كرة القدم الإسبانية. ومؤخرا قال الصحفي الإسباني ألبرت ليسان أن اختيار يامال تمثيل إسبانيا بدلا من المغرب لم يكن قرارا صائبا. وأضاف في حديثه في برنامج "رودينادو" أن الإسبان :"لن يقدّروا يامال حتى لو فاز بكأس العالم"، مضيفا أنه في حال اختار المغرب فإن الكل هناك كان سيهتف باسمه ويدعمه بشكل