قطر والامارات افشلتا مقترحًا مصريًا لإقامة ناتو عربي
أخبار عربية
قال دبلوماسيون مصريون لموقع ميدل إيست آي إن خطة مصر لتشكيل قوة دفاع عربية على غرار حلف الناتو أُحبطت في قمة الدوحة هذا الأسبوع من قِبل قطر والإمارات، مما كشف عن انقسامات عميقة بشأن الأمن الإقليمي والتهديد الإسرائيلي.
وقال دبلوماسي مصري رفيع: "اقترحت مصر إنشاء قوة إقليمية دفاعية في إطار معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي لعام 1950، بهدف تشكيل تحالف للرد السريع يحمي الدول الأعضاء من التهديدات الخارجية، وخاصة إسرائيل. لكن قطر والإمارات عرقلتا الخطة بشكل أساسي".
وأضاف الدبلوماسي: "عرض وزير الخارجية بدر عبد العاطي المقترح على نظرائه في الخليج باعتباره خطوة دفاعية لحماية المنطقة من دون الاعتماد على القوى الأجنبية".
وبحسب المسؤول الرفيع، كان الخلاف الرئيسي حول القيادة؛ إذ أرادت السعودية تولي القيادة، بينما جادلت مصر بأنها الأجدر بذلك نظرًا لخبرتها العسكرية الطويلة.
ووقّعت السعودية بعد أيام قليلة اتفاقية دفاع مشترك مع باكستان النووية، وسط تزايد المخاوف في الخليج بشأن استعداد الولايات المتحدة لكبح جماح العدوانية الإسرائيلية.
وأوضح الدبلوماسي أن "دول الخليج استبعدت أيضًا إشراك إيران أو تركيا. وفي النهاية، اختارت حصر الأمر في مجلس الدفاع التابع لها".
وفي المقابل، غادر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الدوحة وهو "محبط بشدة" بعد أن رفضت دول الخليج مقترحه، بحسب الدبلوماسي.
وعُقدت القمة في الخامس عشر من سبتمبر بمشاركة قادة من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، غير أنها تركت عدة دول غير راضية، وجاء الاجتماع بعد أيام فقط من هجوم إسرائيلي استهدف قيادة حماس في الدوحة وأسفر عن مقتل ستة أشخاص.
وقال الدبلوماسي إن مصر كانت تأمل في خطوات ملموسة، أو على الأقل في موقف واضح يطالب بإنهاء الإبادة الإسرائيلية في غزة ويرفض أي تهجير قسري للفلسطينيين إلى شمال سيناء.
وعلى الرغم من أن هدف القمة كان إظهار جبهة عربية ـ إسلامية موحدة، فإن النفوذ الأميركي شكّل مخرجاتها، فاقتصر التحرك العربي على بيانات دعم غزة وإدانة إسرائيل.
وقال دبلوماسي مصري رفيع آخر لـ ميدل إيست آي: "إن وفدًا قطريًا عاد من واشنطن حاملاً رسائل إلى الدول العربية، تؤكد أنه لا ينبغي اتخاذ أي قرارات ضد إسرائيل".
وأضاف: "الأميركيون وعدوا بأن الرئيس دونالد ترامب سيدير الأزمة ويكبح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن شن هجمات مماثلة على دولة خليجية أخرى"، وأردف: "الإماراتيون دعموا هذا الموقف بقوة".
وأوضح الدبلوماسي أن "دولاً عربية أخرى وجدت نفسها في زاوية ضيقة حين فرض الموقف القطري، المدعوم من الإمارات، هيمنته على الاجتماع".
وقال: "لقد قرروا أن أي خطوة ضد إسرائيل ستكون الآن بلا جدوى، وأن الخيار الأفضل هو دفع الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار في غزة"، مضيفًا: "معظم هذه النقاشات جرت بين وزراء خارجية دول الخليج ونظيرهم المصري بدر عبد العاطي خلف أبواب مغلقة على هامش القمة، ولم يُكشف عنها للرأي العام".
وأدان البيان الختامي للقمة الضربة الإسرائيلية على الدوحة، لكنه افتقر إلى خطوات ملموسة، مسلطًا الضوء مرة أخرى على الانقسامات بين الدول العربية حول كيفية الرد على إسرائيل والحرب في غزة، أما بالنسبة لمصر، فقد عكس الموقف شعورًا بالعزلة داخل التحالف العربي الأوسع.
وقال محلل سياسي بارز إن رفض مقترح السيسي كشف عن "انقسامات عميقة داخل العالم العربي بشأن كيفية مواجهة إسرائيل"، وأضاف المحلل لـ ميدل إيست آي، مشترطًا عدم الكشف عن هويته: "القمة لم تتفق سوى على عقد اجتماع لمجلس الدفاع الخليجي، وهو مؤشر واضح للقاهرة بأن دول الخليج غير مستعدة لدعم مصر".
وختم بالقول: "بالنسبة لمصر، كانت النتيجة انتكاسة في وقت تتجاوز فيه التهديدات الإسرائيلية حدود غزة. لقد كان السيسي يأمل في إظهار مصر كقائدة للدفاع العربي والإسلامي، لكن القمة انتهت من دون أي التزامات حاسمة".
في تصعيد لافت، وصف السيسي إسرائيل بأنها "عدو"، وذلك للمرة الأولى منذ توليه السلطة عام 2014، في انعكاس لشعور القاهرة المتزايد بالتهديد.
وقال المحلل: "إن تهديدات إسرائيل باستهداف قادة حماس في القاهرة واحتمال تهجير الفلسطينيين إلى شمال سيناء أثارت قلقًا عميقًا لدى مصر".
وترجع خلفية الموقف المصري إلى مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية. فقد وُقّعت في القاهرة عام 1950 "معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي" بهدف توحيد الدول العربية من خلال الأمن الجماعي والتعاون الاقتصادي، وأنشأت المعاهدة مجلس دفاع مشترك لتنسيق الاستراتيجيات العسكرية، ومجلسًا اقتصاديًا واجتماعيًا لتعزيز التنمية الإقليمية. وكانت القاعدة الأساسية بسيطة: أي اعتداء على عضو يُعتبر اعتداءً على الجميع.
لكن المعاهدة، رغم طموحها على الورق، سرعان ما واجهت صعوبة في التطبيق، إذ قوّضت الخصومات السياسية وتضارب الأولويات الوطنية والخلافات الإقليمية فعاليتها، وفضّلت الدول الأعضاء بمرور الوقت اللجوء إلى اتفاقيات أمنية ثنائية أو إلى قوى خارجية بدلًا من الاعتماد على الميثاق.
وحاولت مصر عام 2015 إحياء المعاهدة في قمة شرم الشيخ من خلال اقتراح تشكيل قوة عسكرية عربية موحّدة، ورغم أن الفكرة حظيت بدعم مبدئي، فإن الخلافات حول القيادة والتمويل شكّلت عائقًا جديدًا.
وأوضح المحلل: "إن الإخفاقات المتكررة تؤكد التحدي المزمن في تحقيق تماسك عسكري عربي".
كما كانت مصر أول دولة عربية تُطبّع العلاقات مع إسرائيل عام 1979 في إطار معاهدة سلام برعاية أميركية، لكن الرأي العام بقي في معظمه معارضًا، إذ لا يزال المصريون ينظرون إلى إسرائيل باعتبارها عدوًا.
وكشف موقع ميدل إيست آي حصريًا أن مصر أحبطت مخططًا إسرائيليًا لاغتيال قادة من حماس على أراضيها، محذّرة تل أبيب من أن أي محاولة ستُواجه بالقوة، وقد أضاف هذا الكشف الأمني مزيدًا من الإلحاح إلى الطموحات الدفاعية المصرية وإلى قلقها من توسّع العمليات الإسرائيلية.