الفاشر تسقط مع هجوم الدعم السريع في السودان وجرائم ترتكب مع الانتقامات المتصاعدة
أخبار عربية
في السودان الذي يعاني من ويلات الحرب التي دخلت عامها الثالث وأودت بعشرات الآلاف وتسببت بتهجير نحو 12 مليونا، تحوّلت الفاشر في الأشهر الأخيرة إلى إحدى أبرز جبهات القتال المستشري بين الجيش وقوات الدعم السريع حيث يُحاصر نحو 260 ألف مدني داخل الفاشر، يعانون الجوع وانعدام الرعاية الصحية وانقطاع الاتصالات، فيما فرّ أكثر من مليون شخص من المدينة منذ اندلاع الحرب.
وتسود مخاوف متزايدة حيال الوضع الإنساني في مدينة الفاشر بغرب السودان، حيث فرّ السكان وعلق مئات الآلاف من المدنيين وسط انقطاع تام للاتصالات، غداة إعلان قوات الدعم السريع يوم الأحد في 26 تشرين الأول/ أكتوبر 2025 سيطرتها على المدينة الإستراتيجية في إقليم دارفور.
كانت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في غرب السودان، آخر مدينة كبيرة بين أيدي الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وذلك بعد حصار استمرّ 18 شهرا.
ولم يصدر أي تعليق من الجيش السوداني على إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على مقر القيادة العسكرية في المدينة.
وفي حال تأكدت السيطرة، تكون قوات الدعم السريع قد أحكمت قبضتها على كامل إقليم دارفور، حيث أنشأت إدارة موازية تتحدى سلطة البرهان، الحاكم الفعلي للسودان منذ انقلاب العام 2021 والمتمركز في بورتسودان شرق البلاد.
تصعيد مروّع للنزاع"
إزاء هذا الوضع، صرّح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم الإثنين في 27 تشرين الأول/ أكتوبر أن ما يجري في الفاشر "تصعيد مروّع للنزاع" في السودان، معتبرا أن "مستوى المعاناة التي نشهدها في السودان لا يمكن تحمّله".
وأظهرت صور ومشاهد نشرتها تنسيقية "لجان المقاومة- الفاشر" عبر حسابها على فيسبوك، مدنيين يفرّون من المدينة وجثثا متناثرة على الأرض قرب سيارات محترقة.
بحسب نقابة الصحافيين السودانيين، قُطعت كافة اتصالات "ستارلينك"، شبكة الإنترنت الوحيدة التي كانت تعمل في المدينة، ما أدخل الفاشر في "ظلام إعلامي تام".
وأوضحت تنسيقية "لجان المقاومة-الفاشر" أن المعارك تواصلت الإثنين في محيط مطار المدينة وفي مناطق عدة غربها، مؤكدة أن "نحن الذين بقينا داخل المدينة (...) نحن من سيبقى هنا حتى آخر نفس يقاوم" وسط تقدم قوات الدعم السريع.
المطالبة بحماية المدنيين في الفاشر
من جهته، دعا حاكم إقليم دارفور الموالي للجيش مني أركو مناوي في منشور على منصة إكس إلى حماية المدنيين المحاصرين في المدينة قائلا " نطالب بحماية المدنيين، والإفصاح عن مصير النازحين، وتحقيق مستقل في الانتهاكات والمجازر التي تقوم بها مليشيا (الدعم السريع) بعيدا من الأنظار".
ولفتت تنسيقية "لجان المقاومة-الفاشر" إلى أن الفاشر "إن سقطت فلن يكون السقوط بيد الأعداء وحدهم لكن بخيانة قيادات دارفور التي ظلت صامتة ومتشبثة بالسلطة".
وطالب منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر، بتأمين ممرات آمنة للمدنيين، مؤكدا أن "مئات الآلاف من السكان محاصرون داخل المدينة في حالة من الرعب، يتعرضون للقصف والجوع، ولا يستطيعون الوصول إلى الغذاء أو الرعاية الطبية أو الأمان".
كذاك، دعا المبعوث الأميركي إلى إفريقيا مسعد بولس، قوات الدعم السريع إلى فتح "ممرات إنسانية" لإجلاء المدنيين.
نشرت تنسيقية "لجان المقاومة - الفاشر" عبر صفحتها على فيسبوك فيديو يظهر امرأة ميتة ممددة على الأرض وعلّقت بالقول " تجمعت المليشيات والمرتزقة من كل حدب في سبيل القتل والسرقة (...) شعارهم قتل كل ما يتحرك داخل الفاشر وخارجها".
من جهتها، بثت قوات الدعم السريع في الساعات الماضية مقاطع مصوّرة تُظهر مئات الرجال بالزي المدني جالسين على الأرض ومحاطين بمقاتلين، وقدّمتهم على أنهم أسرى من صفوف الجيش أو القوات المشتركة الحليفة له.
وأعربت نقابة الصحافيين عن " قلقها العميق على سلامة الصحافيين الموجودين في مدينة الفاشر في ظل هذه الظروف الاستثنائية والصعبة".
أشارت النقابة إلى إن الصحافي المستقل معمر إبراهيم محتجز لدى قوات الدعم السريع منذ يوم الأحد، مؤكدة صحة صور متداولة على مواقع التواصل تُظهره محاطا بمقاتلين من تلك القوات.