هيومن رايتس :" عدم دفع قطر مستحقات المقاولين يضر بالعمال الوافدين"
أخبار عربية
أفادت هيومن رايتس ووتش" اليوم" إن عملاء الحكومة القطرية وشركات كبرى أخرى ،لا تدفع مستحقات المقاولين في الوقت المحدد للمشاريع، مما يترك العمال الوافدين دون أجر. كما يتأثر المقاولون الفرعيون وغيرهم في سلسلة التوريد، ويتلاعبون هم أنفسهم بأجور العمال.
وقال مايكل بَيْج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "غالبا ما يتمتع العملاء في أعلى سلسلة التوريد التعاقدية القطرية، بما يشمل الهيئات الحكومية، بالإفلات من العقاب، ما يترك شركات التعاقد الفرعي التي توظف العمال الوافدين تتحمل التكلفة. على المقاولين وأصحاب العمل ذوي النفوذ في قطر التوقف عن التلاعب بالعمال من خلال عدم دفع مستحقات المقاولين الفرعيين".
وراجعت هيومن رايتس ووتش رسائل تدعم هذا الادعاء، بما يشمل تلك المرسلة إلى العملاء والتي توضح النتائج السلبية وتطلب بدفع المستحقات، وكذلك رسائل موجهة إلى الموردين النهائيين في محاولة لتبرير تأخير السداد، وطلب تمديد فترات السداد، وحثهم على وقف أي إجراءات قانونية.
وبين فبراير/شباط ومارس/آذار 2024، وفي سبتمبر/أيلول 2025، قابلت هيومن رايتس ووتش 16 شخصا كانوا يعملون لدى شركات توريد عمالة قطرية. راجعت أيضا الاتفاقات التعاقدية والمراسلات الإلكترونية من مقاولَيْن من الباطن. أحدهما وظف آلاف العمال الوافدين لصالح جهات تشمل هيئات حكومية قطرية وشركات بناء كبيرة. والآخر كان شركة توريد عمالة. حُجبت أسماء الذين تمت مقابلتهم خوفا من الانتقام.
وأظهرت الوثائق التي تمت مراجعتها أن كلا المقاولَيْن الفرعيَيْن واجها صعوبات في دفع أجور العمال عندما لم يدفع عملاؤهما المستحقات كما هو منصوص عليه في العقود. لم تسفر المحاولات المتعددة التي بذلها أحدهما للمطالبة بالدفع، بما يشمل التهديد باتخاذ إجراءات قانونية، عن الحصول على مستحقاته، ما ترك آثارا متتابعة على سلسلة التعاقد الفرعية.
وعندما لا يدفع العملاء في الوقت المحدد، قد يكونون متواطئين في المساهمة في سرقة أجور العمال الوافدين، لأن العديد من الشركات لا تملك الموارد المالية لدفع أجور العمال حتى يُدفع لها. راجعت هيومن رايتس ووتش عقودا تنص على الدفع في غضون 45 يوما من تقديم الفاتورة، لكن الدفعات تأخرت لمدة عام تقريبا.
وقال ممثل شركة مقاولات فرعية: "أثر عدم دفع العملاء للمستحقات بشكل سيئ على سيولتنا النقدية، حيث لم نتمكن من دفع مستحقات موردينا والمقاولين الفرعيين الذين تعاقدنا معهم في مشروعنا. نواجه أيضا تهديدات قانونية من جانبهم. لم تتمكن الشركة من دفع رواتب عمالها أيضا".
وكشفت المقابلات أن المقاولين الفرعيين يلجأون إلى السبل القانونية عندما لا تنجح مطالبات الدفع عبر الإشعارات المكتوبة أو الرسائل أو زيارات العملاء. وجدت هيومن رايتس ووتش أن هذه السبل لا تؤدي دائما إلى نتائج إيجابية ، بل إن العملاء الأقوياء يتجاهلون تحذيرات المقاولين بشأن اتخاذ إجراءات قانونية.
ووثّقت هيومن رايتس ووتش أن بند "الدفع عند الدفع" المدرج في العقود يمكن أن يسهم في سرقة الأجور، وينبغي لقطر بدلا من ذلك توسيع نطاق المسؤولية عن الأجور لتتجاوز صاحب العمل المباشر في سلاسل التعاقد الفرعي. بالإضافة إلى تأخير الدفع، كشفت المقابلات أن عدم الاستفادة الكاملة من أيام العمل أو الموظفين مقارنة بما هو متفق عليه تعاقديا، وتمديد المشاريع أو تغيير نطاقها دون زيادة مقابلة في الميزانية، يضران أيضا بالعمال.
وقال العديد من العمال الذين يعملون لدى خمس شركات على الأقل لتوريد العمال إن إداراتهم غالبا ما تؤخر دفع أجورهم وتخبرهم بأنهم سيحصلون على أجورهم بمجرد أن تدفع لهم الشركة العميلة. قال أحد العمال: "لم تهتم الشركة [العميلة] إلى أن توقفنا عن الحضور إلى العمل لأننا أضربنا".
لكن في حالات أخرى، قد لا تدفع شركات توريد العمالة أجور العمال حتى بعد أن تتلقى مستحقاتها من الشركة العميلة، ما يبيّن الحاجة إلى رقابة صارمة. أظهرت إحدى الرسائل التي تمت مراجعتها أن الشركة العميلة طالبت مقاولا فرعيا بدفع أجور عماله بعدما اشتكوا إليها مباشرة.
ووصف العمال ظروف المعيشة والتنقل المريعة في شركات توريد العمالة. قال أحد العمال: "على الرغم من أن نوبة عملي تبدأ الساعة 6 صباحا، كان عليّ الاستيقاظ في الساعة 2 فجرا، لأن الشركة عدلت الجداول الزمنية. كانوا يوصلوننا إلى موقع عملنا قبل 90 دقيقة من الموعد المحدد لتناسب جداول العمال الآخرين".
وقال العمال إنهم كانوا يعيشون في غرف مكتظة، ولم يكن لديهم ما يكفي من الماء والكهرباء، وكانت المراحيض غير صحية. فقد أحد العمال 55 رطلا (حوالي 25 كيلوغرام) في سنته الأولى من العمل في قطر بسبب العمل الشاق جسديا والطعام غير الصالح للأكل. قال: "لم يكن هناك أي شيء طازجا. كان الدجاج يحتوي على دماء".
وقال عامل آخر: "من وجهة نظر [العميل]، هم عمليا اشترونا... ويحاولون استغلالنا إلى أقصى حد". يظهر ذلك في عقد بين مقاول وشركة توريد عمالة راجعته هيومن رايتس ووتش، ينص على ما يلي: "[شركة توريد العمالة] ستوفر القوة العاملة المطلوبة، وتقع مسؤولية الإنتاج من العمال واستغلالهم إلى أقصى حد على عاتق [شركة العميل]".
وتتمتع الشركات العميلة بسلطة هائلة على الممارسات التجارية لشركات توريد العمالة التي تتعاقد معها، مما يتيح حدوث انتهاكات عندما لا تقوم بالاجراءات اللازمة. قالت هيومن رايتس ووتش إن الشركات تتحمل مسؤولية احترام حقوق الإنسان في جميع عملياتها.
وتقع شركات توريد العمالة في أسفل سلاسل التعاقد الفرعي، التي غالبا ما تكون طويلة ومعقدة. وجدت أبحاث هيومن رايتس ووتش في دول الخليج أن العمال الوافدين الذين توظفهم شركات توريد العمالة غالبا ما يواجهون انتهاكات أكثر من أولئك الذين توظفهم الشركات مباشرة. قال أحد العمال: "حتى عندما نقوم بنفس العمل، يتقاضى العمال الذين توظفهم الشركة ضعف رواتبا تقريبا. كيف يمكننا تبرير ذلك؟"
وتقدم شركات توريد العمالة أحيانا عطاءات منخفضة وتبقي تكاليف التشغيل الإجمالية منخفضة عن طريق دفع أجور منخفضة. كشفت المقابلات أن العملاء غالبا لا يستفسرون عن الأجور المدفوعة في سلاسل التعاقد الفرعي. قال أحد العمال: "كان من الأفضل أن تحدد الشركة العميلة حدا أدنى للأجر من المبلغ الإجمالي الذي تدفعه لكل عامل".