اسرائيل وايران تتحركان بوتيرة متسارعة لإعادة رسم قواعد الاشتباك.

الأخبار العالمية
اليمني الجديد - متابعات

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتزايد مؤشرات التصعيد العسكري، تتحرك إسرائيل وإيران بوتيرة متسارعة لإعادة رسم قواعد الاشتباك.

وبينما تعيد إسرائيل ترتيب أولوياتها الدفاعية وتوسع خطط تسلّحها استعدادا لاحتمال مواجهة مباشرة، تكثّف طهران تدريباتها العسكرية وتحدّث برامجها الصاروخية والمسيّرة، في مشهد استراتيجي مفتوح على كل الاحتمالات، من التصعيد المحدود إلى مواجهة إقليمية شاملة.

وأقرت إسرائيل خطة عاجلة لتعزيز قدرات سلاحها الجوي. وتشمل الخطة التزود بطائرتين إضافيتين للتزود بالوقود جوا من طراز KC-46، في خطوة تهدف إلى توسيع نطاق عملياتها الجوية إلى ما يُعرف بـ”الدائرة الثالثة”، أي مناطق بعيدة تشمل إيران واليمن وأجزاء من باكستان والقرن الأفريقي، وفق ما قاله مصدر إسرائيلي لقناة “الحرة”.

ويقول المحلل العسكري الإسرائيلي، إيال عليما، لـ”الحرة” إن القوات المسلحة الإسرائيلية، بعد سنتين من القتال في غزة، تحتاج إلى ترميم قدراتها سواء في ما يتعلق بالفجوات بالتزود بالوقود أو الوسائل القتالية والعتاد.

أما المصدر فيشير أن قرار تعزيز قدرات الجيش جاء عقب ما سماه “استخلاص العبر” من مواجهة الـ 12 يوما.

وشهد شهر يونيو الماضي أخطر مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران منذ سنوات، استمرت 12 يوما وتخللتها غارات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع عسكرية ونووية داخل العمق الإيراني، تزامنا مع هجمات صاروخية ومسيرات إيرانية طالت أهدافا في إسرائيل.

وأسفرت المواجهة عن خسائر بشرية ومادية على الجانبين، وسط تصعيد غير مسبوق عزز المخاوف من انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة قبل أن تنجح وساطات دولية في تثبيت وقف لإطلاق النار بين الجانبين.ويقول المصدر الإسرائيل لـ”الحرة” إن بعض تلك الغارات شاركت فيها أكثر من 100 طائرة حربية في وقت واحد، ما يبرز الأهمية المحورية لطائرات التزود بالوقود في ضمان الاستقلالية العملياتية، خاصة في ظل غياب قواعد جوية قريبة.
تفوق جوي في مواجهة تهديدات متعددة
وأشار المصدر إلى أن وزارة الدفاع الإسرائيلية أقرت، أيضا، خطة لشراء صواريخ جو-جو أميركية الصنع دون الكشف عن طرازاتها، في خطوة تهدف إلى تعزيز قدرات سلاح الجو في مواجهة تصاعد التهديدات من عدة جبهات.

ففي إيران، يشكل الانتشار المتزايد لمنظومات الدفاع الجوي من طرازات روسية وصينية تحديا أمام أي عملية اختراق جوي. وفي اليمن، بات الحوثيون يمتلكون قدرات صاروخية وطائرات مسيّرة هجومية تهدد ممرات بحرية استراتيجية مثل البحر الأحمر وميناء إيلات، وهو ما تعتبره إسرائيل جزءا من “حرب استنزاف جوية” مقلقة.

المسؤول الإسرائيلي شدد على أن التوسع في هذا المجال “ضروري لمواجهة بيئة جوية معادية ومعقّدة”، وضمان حرية الحركة لسلاح الجو في أي ساحة قتال مستقبلية، وأكد أن الحكومة الإسرائيلية خصّصت أيضًا ميزانيات لبرامج سرّية، دون الكشف عن طبيعتها أو أهدافها، مشيرا إلى أنها تندرج ضمن ما وصفه بـ”الحفاظ على التفوق النوعي” في مواجهة التحديات الإقليمية المتنامية.

تعزيز القوة البرية
الخطة العسكرية الإسرائيلية لم تقتصر على القوة الجوية أو المواجهة مع إيران، بل شملت أيضا تحديثا واسعا في قدرات القوات البرية، في ضوء استمرار العمليات في غزة واحتمالات التصعيد في لبنان أو سوريا أو حتى الضفة الغربية.

وتشمل الخطة إنتاج 30 دبابة ميركافا 4 سنويًا – من إنتاج الصناعات الإسرائيلية، وتصنيع 70 ناقلة جند مدرعة من طراز “إيتان” و60 ناقلة من نوع “نمر”، وإنشاء لواء دبابات جديد وكتيبة هندسة قتالية، وتزويد الوحدات البرية بمئات المركبات الخفيفة والسريعة لنقل الجنود في تضاريس معقدة، وفقا للمصدر.

تأتي هذه الخطط في ظل تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف العمليات العسكرية في غزة، وسط قلق متزايد من اتساع نطاق الحرب وانهيار الجهود الدبلوماسية.

وقد أعلنت ألمانيا، أحد أبرز شركاء إسرائيل الأوروبيين، تجميد تصدير الأسلحة لتل أبيب، احتجاجا على قرار اجتياح مدينة غزة بالكامل، محذرة من أن هذا التصعيد يقوّض فرص التفاوض.

ويلفت المحلل العسكري الإسرائيلي لراديو “كان” إيال عليما إلى أن هناك بعض الصفقات التي تم توقيعها مسبقا لا تزال قائمة، وأن “ألمانيا ودول أخرى ملزمة باستكمال هذه الصفقات وتزويد إسرائيل بالعتاد والأسلحة وفقا لما اتفق عليه”.

مع ذلك، يؤكد عليما أن “فرض الحظر على بيع الأسلحة هذا بلا شك يقلق اسرائيل … إسرائيل أصبحت معزولة ومنبوذة عالميا، وهذا بلا شك له أيضا انعكاسات على المجال العسكري”.

ووفق برلين، بلغ إجمالي رخص تصدير الأسلحة لإسرائيل منذ السابع من أكتوبر 2023 حتى مايو 2025 نحو 485 مليون يورو.

يرى مراقبون أن التحركات الإسرائيلية تهدف إلى تعزيز الاستقلال العملياتي في مواجهة احتمالات تراجع الدعم العسكري الغربي، خاصة إذا شهدت الولايات المتحدة تغييرا في إدارتها أو ازديادا في الانتقادات الداخلية.

الاستعدادات الإيرانية
في المقابل، تشير تقارير متعددة إلى أن إيران تعمل منذ نهاية حرب يونيو بشكل واضح على تعزيز وضعها العسكري تحسبا لاحتمال اندلاع مواجهة جديدة مع إسرائيل.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أظهرت صور من إيران تفكيك أو ربما إخفاء، أنظمة رئيسية في منشأة نطنز النووية، في إشارة إلى اتخاذ احتياطات ضد ضربات متجددة.

في الوقت نفسه، أجرت القوات المسلحة الإيرانية مناورات واسعة النطاق في المياه الجنوبية وبحر قزوين، شملت استخدام الصواريخ والطائرات المسيّرة، فيما تعهد مسؤولون بتوجيه “صفعة قوية” ردًا على أي اعتداءات مستقبلية.

وقال القائد العام للجيش الإيراني، أمير حاتمي، في أوائل أغسطس، أن “التهديد بنسبة 1% يجب أن يُتعامل معه كما لو كان تهديدًا بنسبة 100%”، مشددًا على جاهزية قوات الصواريخ والطائرات المسيّرة.

وتشير تحليلات استراتيجية إلى أن إيران تتبنى نهجا جديدا في الردع، إذ ترجّح تقديرات أن تلجأ طهران، في حال استئناف الأعمال العدائية، إلى استراتيجية ضربات فورية وأكثر حدة، في تحول عن نهج الرد التدريجي نحو تصعيد سريع وعالي التأثير.

المصدر: يحيى قاسم / قناة الحرة
زر الذهاب إلى الأعلى