فصول مشتعلة: حرارة الحدیدة تحرق النساء والأطفال
الأخبار المحلية
مع انطلاق العام الدراسي 2025-2026 في محافظة الحدیدة، تواجھ آلافالطالبات والمعلمات ظروفًا تعلیمیة صعبة تھدد صحتھن وسلامتھن، وسط درجات
حرارة خانقة ورطوبة عالیة، یقابلھا غیاب شبھ كلي لمقومات البیئة المدرسیةالآمنة.
ازدحام قاتل وحرارة لا تطاق
في أحیاء الحدیدة الشعبیة، ومع انقطاع الكھرباء وتكدس الطالبات داخل الفصول،تحوّلت المدارس إلى بیئة خانقة لا تصلح للتعلیم. تقول المعلمة نجلاء ناجي (اسممستعار): "أقل فصل فیھ ثمانون طالبة، والمراوح التالفة تضخ ھواءً ساخنًا یزیدالوضع سوءًا".
وفي مدرسة أخرى وسط المحافظة، تقول الأخصائیة الاجتماعیة نرمین ناصر (اسم مستعار): "في أول یوم دوام تعرضت لإغماء أنا وزمیلتینبسبب الحرارة المرتفعة. الطالبات یعانین من دوخة متكررة وھبوط حاد.
بعض الفصول فیھا مراوح لكنھا تحتاج إلى صیانة، والمكیفات – إن وجدت – فھي حكر على المكاتب الإداریة".
أمراض جلدیة متفشیة
تشیر دراسة طبیة حدیثة إلى أن ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة ،یؤدیان إلى زیادة التھابات الجلد بنسبة تصل إلى أربعین في المئة، خاصة في المناطق الحارة
والرطبة مثل سواحل البحر الأحمر. وأوضحت الدراسة أن التعرق المفرط یسد مسام الجلد ویخلق بیئة مثالیة لنمو البكتیریا والفطریات، مما یسبب طفحًا جلدیًا
وتقرحات مؤلمة، وأحیانًا التھابات أكثر خطورة لدى الفئات الأكثر ھشاشة كالأطفال والنساء.
كما حذرت الدراسة من تفاقم حالات الأكزیما والصدفیة في البیئات التي تعاني من ارتفاع الحرارة وسوء التھویة.
یقول أخصائي أول أمراض جلدیة في محافظة الحدیدة، الدكتور وائل عبد القادر: "تتسبب الحرارة المرتفعة في التھابات جلدیة، طفح جلدي، وتسلخات تحت الإبطین.
وتحت الثدیین عند النساء. والرطوبة العالیة تؤدي إلى ظھور فطریات بین ثنایا الجلد، وھي أكثر شیوعًا عند الأطفال والنساء بسبب العرق الزائد".
مضیفًا: "غیاب التھویة المناسبة داخل الفصول یؤدي إلى تراكم العرق، ویھیئ بیئة مثالیة لتكاثر البكتیریا والفطریات، ما یجعل الطالبات والمعلمات عرضة لمشاكل
جلدیة خطیرة".
ومن جھتھا، تقول الأستاذة فاطمة محمد (اسم مستعار): "الحرارة العالیة تسببت لنا في التھابات وتسلخات، خاصة في مناطق الإبطین وتحت الثدیین. الأطفال أكثر
عرضة للطفح الجلدي والصنافیر. للأسف، لا یوجد تأمین صحي، نعالج أنفسنا بطرق بدائیة مثل النشا أو الزبادي، وإذا استطعنا نشتري مراھم من الصیدلیات".
شھادات مؤلمة
تقول أسماء محمد (اسم مستعار)، طالبة في الصف التاسع: "كل یوم أشعر أنني أختنق من شدة الحر. نعود إلى البیت وملابسنا مبللة بالعرق، لا نستطیع المذاكرة أو
حتى النوم من التعب ،كثیر من زمیلاتي یغیبن أیامًا بسبب الإعیاء ،نتمنى لو كانت ھناك مكیفات أو مراوح تعمل".
ولا یقتصر الأمر على الحرارة وحدھا، فاللباس المدرسي المفروض عادة مكوّن من بالطو طویل، بأكمام وطرحة وبرقع بقماش غیر قطني، یزید من معاناة الطالبات
والمعلمات. تقول إحدى المعلمات: "الزي الرسمي لا یتناسب مع الطقس ویمنع الجسم من التنفس، ما یؤدي إلى تعرق مفرط وتھیج الجلد ،لكن لا یُسمح بأي تغییر في اللباس حفاظًا على الانضباط، حتى ولو كان ذلك على حساب صحة الطالبات".
بیانات صادمة
تشیر إحصاءات المركز الوطني للمعلومات إلى أن محافظة الحدیدة ،تضم أكثر من ألف ومئتي مدرسة حكومیة وخاصة.
وبحسب تقریر "الخطة التعلیمیة الانتقالیة للیمن للفترة من 2019/2020 إلى 2021/2022"، المُعد من وزارة التربیة والتعلیم الیمنیة بالتعاون مع الشراكة العالمیة من أجل التعلیم (GPE (والیونسكو، فإن معظم المدارس تعاني من تھالك البنیة التحتیة وضعف التھویة، حیث إن العدید منھا یفتقر إلى مصادر طاقة بدیلة مثل الألواح الشمسیة، بینما تعتمد نسبة كبیرة على شبكة الكھرباء العامة التي تتعرض لانقطاعات مستمرة.
وبین ازدحام الفصول وضعف التھویة وانقطاع الكھرباء، یجد الطلاب والمعلمون أنفسھم في مواجھة ظروف تكاد تخنق العملیة التعلیمیة برمتھا. تقول جمعة أفلح:
"بخیبة أمل نحاول الصمود، لكننا نعلم أن الصبر وحده لا یكفي. نحتاج إلى حلول عاجلة تضمن بیئة تعلیمیة صحیة وآمنة".
حاولنا التواصل مع مكتب التربیة والتعلیم في الحدیدة لاستیضاح أسباب بدء الدراسة في ذروة الصیف، إلا أن الأشخاص المعنیین لم یتجاوبوا معنا. ھذا الصمت یزید من استیاء المجتمع المحلي ویعزز الإحساس بالإھمال.
ھل من أمل؟
یطالب الأھالي والمعلمون بحلول عاجلة تشمل تعدیل التقویم الدراسي لیبدأ في الأشھر الباردة، وتوسیع مشاریع الطاقة الشمسیة لتغطیة جمیع المدارس، إضافة إلى توفیر رعایة صحیة ومعونات طارئة للكوادر التعلیمیة. لكنھم یشددون على أن معالجة المشكلة بشكل جذري ،تتطلب إرادة سیاسیة لإصلاح البنیة التحتیة للتعلیم في المناطق الساحلیة.