الشرعية رؤية ومسار لا أشخاص !

Author Icon محمد علي محسن

يونيو 4, 2025

دعمنا الرئيس هادي ليس لأنه جنوبي أو من أبين ، وإنما كان رئيسًا للدولة اليمنية ، وفي ظرفية بالغة التعقيد ، أطلق عليها مرحلة الانتقال السياسي ، وصولا للدولة الاتحادية بمضامينها الوطنية العادلة لكل اليمنيين .

والان ندعم الرئيس رشاد العليمي ليس لأنه شمالي وتعزي وإنما باعتباره رئيسًا لدولة منقلب على سلطاتها ومؤسساتها ، وغاية هذه السلطة الشرعية إنجاز الدولة الاتحادية المتعثرة منذ انقلاب الحوثيين على سلطاتها الإنتقالية .
دعونا ما بعد تحرير عدن وجوارها إلى تحالف الضرورة ، قلنا إنَّه ولابد من إيجاد تحالفات جديدة سياسية وعسكرية ووطنية هدفها استعادة الدولة اليمنية ، اولًا ، وثانيًا ، وثالثًا .
هذه التحالفات للأسف الشديد لم تقم بسبب ممانعة القوى المنضوية تحت مظلة السلطة الشرعية ، بعضها نكاية بالرئيس هادي وما يمثله من خيارات سياسية غير مرغوبة أو مرفوضة ، والأصح أنها غير مستوعبة أو مفهومة في ذهنية قادة الصدفة .

البعض الآخر انتقامًا من دوره في تفكيك النظام العائلي القبلي وتأسيسه لمضامين ثورية انتقالية ، وفي المحصلة تكالبت عليه وبدعم من تحالف دعم الشرعية - وهذه مأساة عربية خالصة - ؛ فكان ولابد من استبداله بمجلس قيادة مكون من ثمانية اعضاء ، برئاسة رشاد العليمي .

تبدل الرئيس هادي ولم يتغير المسار الذي بدأه ، أضحى لدينا مجلس قيادة ، ولكن لم يقل أحدا أن هناك مسارات متضاربة ومتصارعة .
وان الرئيس العليمي سيكون كبش فداء المرحلة التالية ، نظراً لما يمثله من مضامين الدولة اليمنية الاتحادية المتوافق عليها في مؤتمر الحوار ، والمنبثقة اصلا عن المبادرة الخليجية ، وتم دعمها واسنادها بقرارات دولية من مجلس الأمن .

قال الرئيس رشاد العليمي إنَّ المرحلة تستدعي توافقا ، وشراكة ، وشفافية ، ومسؤولية ، ومعالجة للمظالم ، واستعادة للدولة ومؤسساتها ، وإسقاط الانقلاب سِلمًا أو حربًا .
هناك من لم يستوعب بعد أن الرئيس العليمي لم يخترع هذه الرؤية من رأسه أو من جماعة أو حزب ، فهذه هي رؤية المرحلة الانتقالية ، تبناها قبله الرئيس هادي ، وأي رئيس أتى أو سيأتي من بعده كان ولابد أن تكون قيادته ملتزمة بهذه الرؤية وفق الدستور والمرجعيات الثلاث .

لماذا أجدني داعمًا للرئيس العليمي على ما في الواقع من أزمات ومشكلات ؟ لأنه يمثل الخيار الواعي والعقلاني ، فما من إنسان حر وعقلاني سيتبنى الفوضى والعبث ! .
وما من فئة أو مكون وطني يرضي لوطنه وشعبه الذل والهوان والشتات ايا كانت الأحوال والأسباب أو المبررات .

ادعم تقارب الانتقالي بمكون حُرَّاس الجمهورية ، وسأكون واضحًا وصريحًا مع الطرفين ، فالاولى بهما دعم السلطة الشرعية التي يستظلان برايتها ، وتأخذهما العزِّة والأثم بالانتساب إليها .
بهذه الطريقة تستقيم الأمور ، وغير ذلك مجرد إلهاء وعبث واستدامة للأزمات والمشكلات الاقتصادية والخدمية ، بل وستطول الحرب طالما وهنالك مستفيدين .

طارق لن يمنح الإنتقالي صك اعتراف بدولة جنوبية مستقلة ، كما والإنتقالي لا يمكنه استعادة الشمال وتسليمه الى طارق أو احمد كوريثين شرعيين لجمهورية الرئيس المغدور به من حلفائه الانقلابيين .
يقينًا أن اليمن لن يعود إلى ما قبل ثورة فبراير والحوار والانقلاب - إيضًا - ، فتلك مرحلة لها ما لها وعليها ما عليها ، وعلى شركاء الضرورة فهم واستيعاب المتغيرات الحاصلة خلال العشرة الأعوام الفارطة .
فمن يروم إلى تحرير صنعاء ينبغي له الإنضواء تحت راية الشرعية من أجل تحرير اليمن من أسوأ جماعة سلالية كهنوتية .
تعدد الرايات والغايات ريما افلح في تشكل تحالفات مصدرها المال الوافد والقوة والحشد ، لكنها أبدًا لن تكون بديلة لخيار استعادة الدولة اليمنية بمضامينها الجديدة العادلة .

وعلى هذا الأساس فإن إضعاف السلطة الشرعية سبق واختبره الجميع ، فلم يفض لغير هذه الحالة المختلة المشوهة والقاسية والشاذة .
الإعتقاد ان الاستمرار على ذات المنوال سيأتي بدولة الجنوب أو الشمال ؛ أعده من الأخطاء الكارثية ، فبسببه الجماعة الحوثية صارت لديها سلطة وسطوة وأنياب ومخالب تهدد بهم .
أوقفت تصدير النفط والغاز ، وضربت مقدرات الدولة ، وهددت الملاحة الدولية ، وأضحت الان تشترط وتفرض أجندة مغايرة لتوافقات اليمنيين على دولة تشاركية عادلة ، وتتوعد الداخل والاقليم والخارج بالمزيد من الخراب والدمار إذا لم يستجاب لها .

ينبغي أن يكون شركاء اللحظة الراهنة واضحين ومسؤولين عن التزماتهم السياسية ، فهناك معطيات جديدة حصلت في هذه البلاد ، وبسبب ممانعة القوى القديمة الجديدة ، طال أمد الحرب ، وتعذر انجاز الدولة اليمنية الاتحادية بافاقها ومضامينها العادلة والمنصفة لكل اليمنيين .
سأقول لكم من الاخير ، لن يتعافى اليمن الَّا باستعادة دولته وإنجاز رؤية الدولة التي تعذر إنجازها في عهد رئيسين ، سابق ولاحق .
ليس من الحكمة ولا المصلحة الجمعية الرهان على الخاسرين ، فثمة واقع تشكل خلال سني الحرب ، وهذا الواقع لا يجب إغفاله ، بل يستوجب التعاطي معه بمسؤولية وفطنة .
من يظن أن السعودية أو الإمارات أو امريكا او روسيا أو بريطانيا يمكنها دعم خياراته السياسية المناقضة للتوافقات المتكأة على مبادرة الأشقاء في الخليج ، ومسنودة بقرارات وتفهمات دولية ؛ أجزم أنه يعيش وهمًا قاتلًا له ولأتباعه ولنا جميعا دون استثناء .

الخلاصة ، لا خيار آخر ، فهذه البلاد وشعبها في خضم مأساة عظيمة لا ينفع معها التأويل أو التنظير أو التأجيل ، فهناك خيارات ممكنة ، وهناك سلطة شرعية يستوجب دعمها واسنادها ،بدلا من إضعافها وإجبارها على الخضوع للداخل أو الخارج .

 

زر الذهاب إلى الأعلى