‏انتهت مرحلة تصدير الثورة… وبدأت معركة البقاء

Author Icon حسين الوادعي

يونيو 14, 2025

انتهت إذًا مرحلة تصدير الثورة الإيرانية التي بدأت في 1979، وبات النظام في طهران منشغلًا بالدفاع عن نفسه.
طوال سنوات، خاضت إيران حروبها من خلف الستار، عبر وكلائها وأدواتها منخفضة الكلفة ،لكنها اليوم تواجه لحظة الحقيقة: لم تعُد قادرة على إدارة المواجهة عن بُعد، واضطُرّت إلى الدخول في القتال المباشر.

لكنها مواجهة غير متكافئة. فإسرائيل تبادر بالهجوم، وتُدمّر، وتعيد رسم ملامح التوازن العسكري، فيما إيران لا تملك سوى التهديد والدفاع، مستخدمة سلاح القصف غير الدقيق باتجاه إسرائيل، على أمل أن تُصيب هدفًا هنا أو هناك.

لا تملك إيران خطة عسكرية متكاملة، ولا أهدافًا استراتيجية واضحة. كل ما تسعى إليه هو استعادة قدر من الهيبة، ومحاولة ردع إسرائيل عن مواصلة القصف.
أما إسرائيل، فتخوض حملتها بدقة متناهية، وبأهداف محددة ومرسومة منذ أشهر ،وقد نجحت حتى الآن في تحقيق جزء كبير من هذه الأهداف، وعلى رأسها: تعطيل البرنامج النووي الإيراني، وتدمير ترسانة الصواريخ والطائرات المسيّرة.

كما توقعتُ سابقًا، فإن سقوط النظام الإيراني بات مرهونًا بتحقق ثلاثة عناصر:
• أن تكتفي إيران بردٍّ رمزي كما فعلت في مواجهات سابقة.
• أن تلوذ أذرعها بالصمت، أو تردّ ردودًا استعراضية لا تأثير فعلي لها.
• أن تنكفئ داخليًا، متخلية عن عقيدة تصدير الثورة ،التي شكّلت عماد سياساتها طوال العقود الأربعة الماضية.

وهذا ما يحدث فعلًا. أدوات إيران في الإقليم إما صمتت، أو قدّمت ردوداً شكلية مثيرة للتهكم، كما فعل الحوثيون الذين أطلقوا صاروخًا عبثيًا، دون أن يجرؤوا على استهداف الملاحة، بعد أن دفعوا ثمناَ باهظاَ بفعل الضربات الأمريكية.
أما في الداخل، فقد تراجعت طهران عن طموحاتها الإمبراطورية، وانكفأت على ذاتها، غير قادرة على المبادرة أو التمدّد كما في السابق.

أما الردّ الإيراني، فلا يُتوقع أن يكون حاسمًا أو يُضعف القدرات العسكرية الإسرائيلية.
ستخسر اسرائيل، وستتعرّض لبعض الدمار، لكنها ستنجح في تحقيق اغلب أهدافها.

هل تتوسع رقعة الحرب؟

لا أرجّح ذلك. فالمواجهة – رغم حدّتها – تبدو محصورة بين الطرفين، ولن تمتدّ على الأرجح لأكثر من بضعة أشهر.
أما الأثر الإقليمي، فسيكون بالغ الأهمية: خروج إيران من دائرة الهيمنة الإقليمية سيكون مكسبًا كبيراً ، لكل من عانى من تدخلاتها، وخاصة في العالم العربي.
حين تنكفئ طهران، سيكون أمام العرب فرصة تاريخية لبناء أنفسهم، واستعادة زمام المبادرة في دعم القضية الفلسطينية، بعيداَ عن المزايدات، وبما يخدم مصلحة الفلسطيني أولًا وأخيرًا.

زر الذهاب إلى الأعلى