اليمن جحيم على هيئة وطن

Author Icon حمزه الشماري

يوليو 9, 2025

أن تُولد في أرضٍ تتنفس الألم، وطنٍ لا يزهر فيه الحلم بل تنبت فيه الذكريات المرة كأشواكٍ تخترق القلب، هنا، حيث الشمس تحرق الوجوه بدل أن تمنحها دفء الحياة، وحيث الأمل لا يأتي إلا مقيدًا بسلاسل الواقع المرير، كطائرٍ كُسر جناحاه فصار يزحف على التراب باحثًا عن سماءٍ لن يبلغها أبدًا.

في اليمن، تسير الحياة كأنها عقوبة أبدية، ليس فيها نكهة الفرح ولا لون الطمأنينة، الليل هنا لا يعقبه فجر، بل يمتد كسوادٍ يغطي القلوب قبل أن يغطي العيون، وكأنها جحيمٌ على هيئة وطن.

الزمن فيها لا يداوي الجراح، بل يزيدها عمقًا، كأنما الأرض تأبى أن تحنو على أبنائها، فتزرع فيهم البؤس بدل الزهر، لكن وسط هذا الخراب، يبقى لليمني ذاكرةٌ تأبى النسيان، ذكرى الأحلام التي أُجهضت قبل ولادتها، وذكرى وطنٍ كان يمكن أن يكون جميلًا لو لم تلوثه أيادي الظلم والجوع، هنا، لا تحلم بشيءٍ جميل؛ فالجمال في اليمن فكرةٌ تُوأد قبل أن ترى النور، والصبر هو الحبل الوحيد الذي نتعلق به على حافة الهاوية.

فصبر رغم الخيبات في الوطن لا يقتل، بل تكشف ما في أعماقنا من إرادة.

ربما نعتقد في لحظات الفشل أن كل شيء قد انتهى، لكن ما يحدث أن هذه الخيبات تُشعل فينا مقاومة جديدة، وتُولد في داخلنا قوة لم نكن نعلم بوجودها.

فتلك اللحظات التي يظن فيها الإنسان أنه خسر، هي التي تبني شخصيته في وطن ممزق ، وتُقويه. ربما لم نحصل على ما أردنا، لكننا نكتشف في طيات ذلك الفقد شيء أغلى: القوة على التحمل، القدرة على النهوض مجددًا، ووعينا بأننا قادرون على تجاوز ما نراه اليوم مستحيلاً.

زر الذهاب إلى الأعلى