تحسن مفاجئ للريال اليمني فرصة اقتصادية أم فخ مضاربة؟
شهد الريال اليمني خلال الساعات الماضية تحسنا طفيفا وغير متوقع ، حيث انخفض سعر صرف الريال السعودي إلى نحو 150ريالا ، ورغم الترحيب الشعبي بهذا التغير ، إلا أن مراقبين اقتصاديين أعربوا عن مخاوفهم من أن يكون التحسن قصير الأجل ، وغير قائم على أسس اقتصادية حقيقية.
اللافت أن هذا التحسن لم يرافقه أي إعلان عن دعم مالي خارجي ، أو عودة صادرات النفط والغاز ، أو حتى قروض أو منح دولية جديدة ، الأمر الذي دفع كثيرين إلى التساؤل عن دوافعه الحقيقية.
يرجح محللون أن يكون للإجراءات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي اليمني في عدن ، ومنها إيقاف عدد من شركات الصرافة المتهمة بالمضاربة بالعملة ، دورا مهما في الحد من الطلب على العملات الأجنبية ، وبالتالي إحداث تحسن نسبي في سعر الصرف .
كما أن التصريح الصادم لمحافظ البنك المركزي حول وجود 147 جهة لا تورد إيراداتها إلى خزينة الدولة، أدى إلى ضغط شعبي واسع لمعالجة الفساد المالي ، وساهم في إثارة حراك حكومي تجاه استعادة الموارد العامة المنهوبة .
رغم هذا يبدي المواطنون والاقتصاديون حذراكبيرا متخوفين من أن يكون التحسن جزءا من مخطط المضاربين وشركات الصرافة لجمع العملات الصعبة بأسعار منخفضة من المواطنين ، ثم إعادة رفع السعر لاحقا لتحقيق أرباح ضخمة ، كما حدث في تجارب سابقة .
المطلوب بحسب خبراء هو تحويل هذا التحسن إلى فرصة لبناء استقرار حقيقي ، عبر خطة إصلاحات شاملة تشمل : تشديد الرقابة على سوق الصرافة والتحويلات ، واستعادة الموارد العامة من الجهات المتنفذة ، وترشيد الإنفاق ، وضبط رواتب ومزايا المسؤولين ، ومكافحة غسل الأموال وتعزيز الشفافية المالية ، وصرف رواتب المسؤولين بالعملة المحلية ، وفرض حضور حكومي فعلي في الداخل ، وتقليص وترشيد النفقات الحكومية، وهيكلة السفارات والبعثات الدبلوماسية.
على صعيد السوق لم ينعكس التحسن في العملة على أسعار المواد الغذائية والتموينية ، حيث يبرر التجار تمسكهم بالأسعار المرتفعة بكون بضائعهم تم شراؤها حين كان الريال في حالة تراجع ، لكن إذا ما استمر التحسن وثبت ، فإن هذه الذريعة ستسقط ، ويتوقع حينها تدخل حكومي لضبط الأسعار ، يبقى التحسن الأخير في سعر الصرف فرصة يجب ألا تهدر ، فالاستقرار المالي والنقدي ليس هدفًا آنيا ، بل مسار طويل يتطلب الشفافية ، والإصلاحات المؤسسية ، والثقة ، والردع القانوني لكل مظاهر الفساد والمضاربة والاحتكار ، وإن لم تسارع الحكومة في ذلك ، فإن الانهيار قد يعود بصورة أعنف ، وبتكلفة أكبر على المواطن والاقتصاد ، وحينئذ ستخسر السلطة الشرعية ما تبقى من رصيدها الشعبي ، إن بقي لها رصيد .