لجين تحكي يومياتها كونها بيطرية

Author Icon مصطفى ناجي

أغسطس 6, 2025

‏ثمة حساب على وسائل التواصل، منها إنستغرام، لفتاة يمنية تُدعى لُجين، تعمل بيطرية، تتنقّل بين القرى، وتقدّم خدمات جليلة في رعاية الحيوانات المنزلية التي تعاني أمراضًا متعددة.

في الأسابيع الماضية، كنت في هولندا برفقة صديقٍ ترك حديثي، وانشغل بمتابعة مقطع مصوّر لفتاة يمنية عذبة الحديث ساحرة اللهجة، بينما كنت اجلس بعيداً منه قليلاً أستمتع بلهجتها وحديثها المتقطّع الأنفاس، وهي تصعد طريقًا وعِرًا لتصل إلى بيت تعالج فيه أغنامًا أو أبقارًا.

وقبل يومين، أشار صديقي الافتراضي عبد الواسع الحميدي المقيم في تعز مجددًا إلى حسابها، مبيّنًا أهمية الدور الذي تقوم به لجين.
صديقي الافتراضي هذا له قراءة عقلانية ،وحس وطني وإنساني تجاه ما يدور حول اليمن واليمنيين، في وسائل التواصل الاجتماعية.

لكني سألت نفسي: لماذا يتابع صديقي المقيم في هولندا حيث الماء والخضرة والأبقار المنعمة ،حساب فتاة يمنية تحكي يومياتها كونها بيطرية في معالجة الأبقار والحمير والأغنام؟

تابعتُ بعض مقاطعها، فوجدتُها تغامر، وتتحمّل مشقة التنقّل عبر وسائل نقل غير مريحة لتصل إلى الحيوانات، التي تحتاج إلى رعاية، وتخاطبها برفق وحنان.

لكنها، في الحقيقة، تنقل أيضًا صورةً واقعية صادقة ليمنٍ آخر؛ يمن القرى والأرياف البعيدة عن ضجيج السياسة وأضوائها.

فهل كان الشجن أو الحنين (النوستالجيا) هو ما جعل صديقي المغترب ،يتابع حديث هذه الفتاة التي تعيد إليه قطعةً من ذاته، نُزعت منه قسرًا وباتت بعيدة؟

أم أن حديثها بلهجتها الصنعائية الرقيقة -والمدغمة-وشخصيتها الرقيقة والصادقة هما ما شدّاه؟

شخصيًا، وجدتني أهتم بمتابعتها، مدركاً الجهد الجليل الذي تبذله لجين هذه في إعادة الاعتبار لمهنةٍ بالغة الأهمية في بلدٍ يدّعي أن الثروة الحيوانية هي احدى ركائز اقتصاد ومعيشته، بينما يزدري الناس أو يُهمّشون مهنة البيطري، رغم علاقتها الحيوية المباشرة بحياتهم اليومية.

نحن نشاهد مقاطع كثيرة لأطباء بيطريين يعالجون كلابًا أو قططًا في دولٍ مختلفة، ونتعاطف مع تلك الحيوانات وسلوكها العاطفي تجاه أصحابها.
لكن منظر الأبقار، والأغنام، والحمير في اليمن، يوقظ داخلي طفولةً بعيدة، ويثير حزنًا على الحالة الصحية التي وصلت إليها هذه الحيوانات المنزلية، في ظلّ هذا الوضع القاسي.

تتنقّل لجين غالبًا في مناطق جبلية وعرة، قاحلة، مغبرّة. لا مياه وفيرة فيها، ولا مراعي كافية، لكنها مناطق مليئة بالحياة والقصص؛ حيث الإنسان اليمني المكافح، الصابر، والمقاوم.
الشكر كل الشكر لهذه الشابة وكل من يحيي الأنفس ويتولاها بالرعاية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى