‏ترامب لا يزال أسيراً لشعار “ترامب أولاً”، وهو شعار ينسف جوهر “أميركا أولاً"!

Author Icon حسين الوادعي

سبتمبر 3, 2025

صور زعماء (الصين، روسيا، كوريا الشمالية، إيران) المتحالفين زعزعت ثقة الزعيم الأميركي في سياسته وفهمه للعالم.

أتذكّر جيداً أن ترامب كالَ عبارات المديح للزعماء الذين يتّهمهم بالتآمر على أميركا اليوم.

التكوين النفسي لترامب يتمحور حول الإعجاب بالرجال الأقوياء. فقد مدح الرئيس الصيني لقدرته على حكم مليار شخص دون مشاكل! ومدح الرئيس الروسي واعتبره مظلوماً ومحقّاً في الشأن الأوكراني. وامتدح الزعيم الكوري الشمالي واعتبره متعاوناً ومحبّاً للسلام! وامتدح الرئيس التركي لقوته وشجاعته
(امتدح ايضا بن سلمان ونتنياهو الجولاني لاسباب مشابهه!!).

لا يمكن لمشروع فاشي فاشل مثل ترامب إلا أن ينجذب إلى صور الزعامة الفاشية في أي مكان. ولأنه فشل في تحقيق مشروعه الفاشي في أميركا أمام المؤسسات العريقة التي تنجح في لجمه، يتصاعد إعجابه بالفاشيين الناجحين الذين حقّقوا ما عجز عنه.

قبل أسبوع امتدح ترامب الديكتاتورية وقال إن الأميركيين ربما يريدون ديكتاتوراً!

عندما أرسل له بوتين صورة موقّعة، سخرت وسائل الإعلام من احتفاله بها، وقال البعض إنه يتعامل مع الصورة كمراهقة تلقت صورة موقّعة من جَستن بيبر.

لكن كل نماذجه من “الرجال الأقوياء” تكتّلت ضده أمس في حفل استعراض الجيش الصيني. والأسوأ أنّ الصورة ضمّت زعماء طالما كانوا حلفاء للغرب، وخاصة الرئيس الهندي الذي نجح ترامب في قذفه بكل ما تملكه الهند من تأثير ضخم إلى أحضان المحور الصيني.

في المقابل، يكنّ ترامب احتقاراً دفيناً لكل حاكم ديمقراطي. إهماله لحلفائه الأوروبيين واتهامه لهم بالعمل على إضعاف أميركا نابع من كراهيته للنموذج الديمقراطي في الحكم، النموذج الذي يتعارض مع شخصية المليونير النرجسي المدلّل. (تقليله من قيمة الرئس الاوكراني عائدة لنفس المعيار. فهو خارج صورته الذهنية عن الديكتاتور الفاشي القوي).

لكنه اليوم بلا حلفاء، بعدما عزل نفسه عن كل حليف، وعمل بغباء على تقوية وتجميع كل الخصوم.
كان بوتين قد تحوّل إلى ديكتاتور عالم ثالثي بجيشه المتهالك الموروث من الحرب الباردة، وعزلته الدولية، وفشله في مواجهة بسالة أوكرانيا الصغيرة التي اخترقت حدوده وبدأت تنفّذ عملياتها العسكرية في الداخل الروسي.

لكن ترامب رمى له طوق الإنقاذ، وكسر عزلته، وخفّف الضغط العسكري عليه، ليكافئه بوتين بالقفز إلى تحالف هدفه الأساسي إسقاط التفوّق الأميركي.

يحتاج ترامب إلى العودة إلى السياسة التقليدية والعمل داخل المؤسسات السياسية، لأن “أميركا أولاً” صارت في تعارض جوهري مع “ترامب أولاً”..

زر الذهاب إلى الأعلى