في رحاب الكلمة
حضرتُ اليومَ الملتقى الأدبيَّ الأول، وسُرِرْتُ غايةَ السرورِ بتلك الأصواتِ الشبابيةِ الواعدةِ، الكاسرةِ لرتابةِ الجمودِ الثقافيّ. التقيتُ بأناسٍ رائعين، وشدَّتني كلماتُ أولئك الفتيانِ والفتياتِ؛ فبرغمِ عتمةِ المشهدِ الراهنِ، أشعلتْ قصائدُهم نورًا يشرقُ في الأفقِ، فاتحينَ نافذةَ أملٍ تُطلُّ على غدٍ أجملَ.
ألقيتُ كلمةً مقتضبةً تحدثتُ فيها عن روايتي "أحلام حي علوان" التي حظيتُ بتوقيعها، ناصحًا الشبابَ بالقراءةِ الواسعةِ للإبداعاتِ العربيةِ والمترجمةِ، وبضرورةِ التفاعلِ الخلَّاقِ مع شتَّى صنوفِ المعرفةِ من آدابٍ وفنونٍ وتقنيةٍ وتراثٍ وتاريخٍ وعلوم.
وحذَّرتُ الشبابَ من آفةِ الغرورِ التي تُدمِّرُ المبدعَ، كما حثثتُ على محاربةِ العصبياتِ بكلِّ أشكالها؛ فالمثقفُ الحقيقيُّ وطنُه العالمُ، وشعبُه الإنسانُ، ولغتُه تتعدَّى الحيزَ الضيقَ إلى رحابِ العولمةِ الواسعة...
شكرًا للعميدِ عبدالله مهدي سعيد، رئيسِ فرعِ المجلسِ الانتقاليّ، ذلك الإنسانِ الذي يشعرُك دوماً – كلَّما التقيتَ به – بتلاشي المسافاتِ وذوبانِ الاختلافِ في الرأي، ويُذكِّرُك بأنَّ ما يجمعُنا أكبرُ وأعمقُ مما يفرقنا.
شكرًا لمنتدى القَشَمِ الثقافيِّ التنمويِّ، ولرئيسِه الأستاذِ محمد الشعيبي؛ لفتةٌ طيبةٌ ومبادرةٌ جليلةٌ تستحقُ الثناءَ والدعمَ والاستمرارية. وشكرًا للدكتور محمد العامري، رئيسِ اللجنةِ التحضيريةِ للملتقى.
شكرًا للقائمينَ على المدرسةِ الثانويةِ النموذجيةِ، الجهةِ الحاضنةِ لهذا اللقاءِ الشبابيّ. وشكرًا لكلِّ من شاركَ اليومَ بالحضورِ أو المساهمةِ في التقديمِ أو التصويرِ أو الكتابة.
شكرًا خاصًّا للكاتبةِ أسماء الطيري، لإهدائها لي باكورةَ إنتاجها الروائيَّ "على النقيض من الحب" الصادر عن دار عناوين للطباعة والنشر 2021. فرحتي لا توصفُ بهذه الإضافةِ المميزةِ إلى عالمِ السردِ الأدبي.
يا أسماء... يكفيكِ أنكِ تجرأتِ وبحثِِ، وقلتِ للدرويش:
"هبنا استثناءً، وأذنًا لنا كي نحترقَ رغم قوتنا، فلعلنا نعودُ من الحرائقِ أجملَ وأقوى؛ نحرقُ اليأسَ ونعودُ جميلاتٍ قوياتٍ فحسب. أو على الأقلّ، هلا نهضتِ لتخبرينا: كيف نضيءُ ولا نحترق؟!"
وها أنا ذا أعودُ من هذا الملتقى بحماسٍ متجدِّدٍ، وثقةٍ بأنَّ مستقبلَ الأدبِ والفكرِ في تطور مضطرد ، تُضيءُ الدربَ بحروفها ووعيها وإصرارها. لن نسمحَ للظلامِ أن يخيمَ على ثقافتنا، ولن ندعَ الرتابةَ تقتلُ إبداعنا. معًا نكتبُ، معًا نبدعُ، ومعًا نبني عالماً أكثرَ جمالاً وإشراقًا ..