معارك دونكيشوتية !!

Author Icon محمد علي محسن

أكتوبر 5, 2025

للأسف، هُيمِنَ على أغلب منابر ومنصات الإعلام الجنوبي الغوغائية، وجهلة القوم الذين لا يجيدون غير الإساءة أو الشماتة بالآخرين.

غالبًا ما أسأل نفسي كلما قرأت منشورًا أو شاهدت محتوى: هل هذا هو الجنوب الذي طالما اعتبرناه نموذجًا للمدنية والدولة والنظام والثقافة؟ هل هذا هو الجنوب الذي فقدناه بمكاسبه ومؤسساته وجيشه وأمنه وتراثه وتاريخه؟!

حضور كثيف في منصات التواصل وفي الصحف والأخبار، ولكنه حضور باهت ومتخلف ولا يرتقي مطلقًا لآمال وتطلعات معظم الجنوبيين الذين ضحوا بكل غالٍ ونفيس لأجل قيم ومبادئ وطنية عادلة، وفي سبيل هذه الحرية والعدالة والمساواة والمدنية.

خطاب منفلت، بذيء، شامت، لا تعثُر فيه على فكرة أو رسالة وطنية أو سياسية يمكن الاعتداد بها. يُشغِلون ذواتهم ويُشغِلون المناوئين لهم بجدل سفسطائي عبثي لا معنى له ولا قيمة.

كلمات صاخبة هازئة من الآخر المختلف، تعليقات طافحة بالبغض والتشاؤم والقدح، منشورات توزع الخيانة، تحض على الاحتقار، تتشفى ممن يفترض أنه شريكهم، إعلام يشعرك بأنه بلا غاية وطنية عادلة، بلا وجهة، وبلا ضوابط، وبلا أدنى احترام للآخر.

فعلى فرضية أنه لا حل ولا خيار سياسي للجنوبيين غير استعادة الدولة السابقة، فك الارتباط، والاستقلال، والتحرير، وإلى آخره من المسميات المرفوعة؛ فهل هذه الدولة الجنوبية ستأتي بها الشتائم والإساءات والبغض وسواها من التصرفات الحمقاء؟!

فما فائدة الشماتة بصَلَعَة الرئيس العليمي أو إزالة صورته؟ وهل بإزالة صورته ووضع صورة عيدروس الزبيدي أصبح الجنوب دولة مستقلة ذات سيادة؟

أنصح العقلاء - إن كان لا يزال هناك من يُصغي ويعقل - أن يجدوا حلاً لهذه السفاهة، إذا كانوا دعاة دولة حق وعدالة ومساواة فينبغي لهم وقف هذا الغثيان!

نعم، لا بد من حل لهذا الانفلات الطافح بالابتذال والسخافة، فما من قضية عادلة إلا ويكون قادتها وإعلامها خير تجسيد لهذه القيم والمبادئ والغايات العادلة.

الخسارة دائمًا ما تأتي من إخفاق القادة والوسائل، خسرنا كثيرًا سياسيًا وعسكريًا ومعيشيًا ونفسيًا ووطنيًا، لكننا لم نسقط في الحضيض، عدنا ونهضنا بعد كل خسارة، بأخلاقنا وقيمنا وقدرتنا على إقناع الآخرين.

فقدنا أرواحًا عزيزة علينا، وصبرنا على الجور والضيم، وما زلنا في خضم أزمات ومشكلات بلا منتهى، ومع هذا وذاك، بقيت كرامتنا مصانة، وبقيت مبادئنا وأخلاقنا واقفة بقوة وكبرياء.

الآن هناك أصوات طفيلية انتهازية لا ترى علوًا أو مكانة لها بغير الإساءة لتلك القيم والمبادئ الوطنية ،أصوات للأسف تخوض معارك لا تبني وطنًا أو تصنع مجدًا، دأبت على مدى سنين مضت على اختلاق معارك دونكيشوتية، وعلى إيجاد الخصومات والأزمات ..

زر الذهاب إلى الأعلى