أولوياتنا بناء الإنسان وليس إقامة الاحتفالات
سألني أصدقائي عن رأيي في المهرجان الذي أقيم ، أمس الأثنين ، في الضالع بذكرى ثورة أكتوبر المجيدة ال ٦٢، فأجبْتُهم بصدقٍ أنني مُعارِضٌ لهذه المظاهر التي تُموَّل من المال العام، وفي ظل ظرفيةٍ تعجز فيها الحكومة عن صرف الرواتب منذ أربعة أشهر.
فالحالة الاقتصادية والنفسية التي يعيشها المواطن تستلزم حلولًا جَدِّيةً ونَفْعِيَّةً تَلْمَسُ حياته اليومية، بدلًا من محاولات الإلهاء العبثية التي لا تُشبع جائعًا أو تُعالج مريضًا .
وبمقدور أيِّ سُلطةٍ، في وضعيةٍ كهذه، أن تفعل أكثر مما يفعله قادتُنا الأشاوس. فالحوثيون في صنعاء طالما أخرجوا الجياع إلى "ميدان السبعين" تأييدًا لضرب بلادهم وتدمير ما بنَتْه الحكومات المتعاقبة. فهل التظاهرات - في نهاية المطاف - مقياسٌ للولاء أو المحبة للحوثيين؟!
شخصيًا ، أمنيتي أن أَحْتَفِلَ بأعياد الثورتين والاستقلال والشهداء ورأس السنة... وغيرها، ولكن في ظروفٍ أفضل تتوافر فيها الخدمات والرواتب والغذاء والدواء وسائر الضروريات.
وفي الختام، فإنَّ الوفاء لشهداء ثورة أكتوبر لا يكون بإقامة المهرجانات والخطابات المتكررة في وقتٍ يئنُّ فيه المواطن من انقطاع الراتب وغياب العدالة .
لقد تعب الناس من انتظار الوعود المؤجلة ومن سماع الخطابات التي لا تُطعم جائعًا ولا تردُّ كرامةً مهدرة .
إنَّ معنى الثورة الحقيقي يتجسد في تحقيق الكرامة للإنسان، وتوفير الحياة الكريمة له، وهي القيم ذاتها التي ضحى من أجلها الشهداء الأبطال.
فلتكن أولوياتنا هي بناء الإنسان وليس إقامة الاحتفالات، وتقديم الحلول الجدية وليس محاولات الإلهاء العبثية. فهذا هو السبيل الوحيد لاستعادة الروح الحقيقية للثورة، وتحويل الذكرى إلى فعلٍ يلامس واقع الناس ويحقق تطلعاتهم.
محمد علي محسن