الدكتور حمود العودي الرجل الصلب والأب الروحي لعلم الاجتماع

Author Icon مصطفى ناجي

نوفمبر 11, 2025

‏يُصاب اليمنيون بصدمةٍ كبيرةٍ إثر استدعاء واحتجاز السلطة الحوثية العالِم الكبير الأستاذ حمود العودي، أستاذ علم الاجتماع في جامعة صنعاء، والأب الروحي لأساتذة هذا التخصّص.

عرفت الأستاذ حمود العودي منذ أن كنتُ طالبًا لديه في الدراسات العليا في جامعة صنعاء، وهو رجل صلب في بنيته النفسية، صريح في مواقفه، حكيم في التعبير عنها ومتصالح مع نفسه ووطنه.

كان صبورًا على جهلنا، حليمًا على أسئلتنا، ومرافقًا لنا. كنتُ وزملائي نذهب إلى مقر مركز دال للدراسات، وهو في الوقت نفسه بيته. وقد اختار له بناءً على طرازٍ فريدٍ يشبه في أصالته قصور الإباء والعراقة.

سألته يومًا: كيف صممتَ بيتك على غرار دار الحجر؟
ابتسم وأجابني إجابةً أخذتني إلى أبعد مما كنتُ أتصور، وكانت حكايةً تُوضح عمى السلطة، فقال:
"كنا نقدّم للسلطة مجانًا آراءنا في إصلاح أوضاع البلاد على أسس علمية، فكانوا يرفضونها، ثم يذهبون ليستنجدوا بالمنظمات والوكالات الدولية. وهذه بدورها تأتي إلينا، فنقدّم لها الفكرة نفسها مدفوعة الثمن، ثم تعود بها إلى السلطة، فتقبلها بعد ان يكون قد صرف عليها ملايين تحسب ديناً على ضمير اليمنيين!"

التقيته آخر مرة قبل عامين في لاهاي ذات فعالية أعد لها مركز صنعاء.

كان في هذه الحرب كبيرًا في موقفه، صبورًا على الأذى، حكيمًا في تصوره، صادقًا في مسعاه نحو السلام. اختار طريق السلام بإيمانٍ صادقٍ بالقيم الجمهورية، وبحق الشعب اليمني في العيش الكريم والحرية ورفض الكهنوت والإستبداد والتبعية.

حضر الدكتور حمود العودي في الفعاليات عبر مساحات نقاش في تويتر وندوات على الزووم ومنتديات عديدة حرصت على حضور أكثرها لاستمع إلى رأي رجل كبير بحجم اليمن. في حديثه تجد بوصلتك الوطنية والأخلاقية والمعرفية.

لكن الحوثية لم تحترم موقعه العلمي، ولا تاريخه النضالي، ولا كِبَر سنّه. فهي لا تُفرّق في بطشها، وتعمّ الجميع بسوءها.

لا تعوز جماعة الحوثي القدرة على صناعة المفاجآت؛ فمهما تصوّر المرء من عنفها ووحشيتها ولا معقوليتها، فإنها قادرة على أن تسبق تصوره.
لن تتوقف هذه الآلة الشيطانية عند حدٍّ، فهي تأخذ الصغير والكبير، العالِم والأمّي، السليم والمريض على السواء.

أخشى أن تزول الصدمة بعد أيام، ويغرق اليمنيون في همٍّ جديد، وينسوا هذا الظلم،
وأكثر ما أخشى أن تأتي حادثة جديدة أو جريمة في مناطق الشرعية، فتهبّ لها الأصوات وتغفل عمّا يجري في صنعاء.

الحرية للدكتور حمود العودي ورفاقه.
الحرية لأوراس الإرياني.
الحرية لكل المعتقلين والمخفيين قسرًا في هذا الوطن المنكوب بالاستخفاف بالحرية وبالحق.

مصطفى ناجي

زر الذهاب إلى الأعلى