المناهضون للحوثي يقدمون مصالحها الضيقة على المصلحة العامة
ما يلفت النظر في الأزمة اليمنية أن القوى المناهضة للحوثي لا تفتقر اليوم — ولم تفتقر في الماضي — إلى القوة العسكرية والدعم الاجتماعي اللازمين لمواجهة الجائحة الحوثية.
فعندما تم «تسليم» صنعاء في 2014 للحوثيين، بتوافق معلن أو سري بين كافة القوى السياسية، كان لدى الإصلاح والمؤتمر وهادي قوة عسكرية ضاربة تتجاوز بكثير القدرات البدائية للعشرة آلاف مقاتل قبَلي الذين حشدهم الحوثي على أطراف العاصمة.
ولا يختلف الوضع اليوم، رغم توفر الحوثي على تقنيات عسكرية أحدث؛ فقوات طارق، والإصلاح، والانتقالي الجنوبي، والعمالقة، وشذرات الجيش الوطني، تقارب في قدرتها العسكرية ما يملكه الحوثيون من سلاح ومقاتلين.
وحتى تفرد الحوثي بالطائرات المسيّرة والصواريخ لا يمنحه ميزة عسكرية مؤثرة في السياق اليمني، لأن فعالية تلك الأسلحة محصورة في إثارة الفزع عبر استهداف مصالح مدنية مؤثرة في دول مستقرة(مطارات، مصادر نفطية، موانئ).
وهذه الميزة أنجزها الحوثي فعليًا بإجبار الحكومة في الجنوب على إيقاف الموارد النفطية، ولم يعد قادرًا على تحقيق المزيد من خلالها.
الخلاصة أن القضية ليست قضية قدرات عسكرية، بل قضية قيادة ووطنية تفتقر إليها القوى المناهضة للحوثي.
فتلك القوى لا تزال تقدم مصالحها الصغيرة والضيقة على المصلحة العامة، وهي تحفر قبرها بيديها، وتهيئ المجال للجائحة الحوثية لتبتلعها تدريجيًا مع تفسخها وتفككها نتيجة الفساد واللامبالاة.