منحنى تصاعدي للأزمة اليمنية
تداعت بيانات الخارجيات العربية الخليجية بعد بيان المملكة العربية السعودية الخاص بتطورات الأوضاع في محافظات شرق اليمن.
هناك منحنى تصاعدي لهذه الأزمة، فإلى جانب أنها تهدد وضع الشرعية اليمنية ومفهوم الدولة في اليمن، إلا أنها قد تقود إلى إعادة فرز الأحلاف داخل المنظومة الخليجية.
بالعودة إلى البيانات، نجد أن بيان المملكة كان الأكثر تفصيلاً لما دار، وفيه عناصر ما يمكن أن نسميه الأزمة؛ تحركات الانتقالي الموصوفة بالأحادية، وفيه أيضاً منفذ خروج منها: جهود سعودية وإماراتية مشتركة لوضع حل، خروج قوات الانتقالي، تسليم حضرموت والمهرة إلى السلطات المحلية وقوات درع الوطن.
هذا البيان قدّم خلاصة ما دار في الأيام المنصرمة من جهود ووجهة نظر المملكة في الحل، بالتعاون مع الإمارات في إلزام للإمارات بالتعاون وأن تكون طرفاً في الحل، وهذا إيعاز بأنها طرف في المشكلة.
بقية بيانات الدول الأخرى تتطرق إلى المشكلة إجمالاً، وتفهم للمخاطر، وتأييد للحكومة اليمنية، والتشديد على سلامة أراضي اليمن. بمعنى آخر، استشعار خطر النيل من سلامة وسيادة اليمن.
آخر البيانات كان بيان دولة الإمارات، وهو الأكثر اقتضاباً وتكراراً لمفردات خارج سياقها الحالي (استقرار، تنمية، ازدهار)، ما يظهر إما عدم اكتراث لما دار أو تنصلاً من الاشتراك في وضع حل، مع عدم الإشارة إلى طبيعة المخاطر التي نجمت عن هذه التطورات.
يشير بيان دولة الإمارات إلى دعم جهود السعودية. وهذا برود يعني ان الإمارات ليست على توافق مع تصورات الحل السعودي ولن تكون طرفاً في ذلك أو ليس لديها تصور للحل.
لم يذكر البيان سياق ما دار ولم يعد تسمية ما حدث ولم يشر إلى الأطراف اليمنية أو يذكر اسم الانتقالي.
يمكن تفهم بيان كهذا صادر من دولة بعيدة عن الشأن اليمني أصدرت بياناً مسانداً ضمن مجاملات دبلوماسية أو إعمالاً لمبادىء عامة في العلاقات الدولية.
امام برود الشريك وتصلب الانتقالي تتقلص الخيارات السياسية والدبلوماسية السعودية لتتجه إجباراً إلى العودة إلى استخدام القوة في اليمن ولكن باتجاه مختلف.
تتعامل المملكة بحذر شديد مع هذه الأزمة وتضبط نفسها قبل التسرع إلى توظيف ماكينة القوة الحربية. لكن للوقت احكامه وقد لا تجد بداً من-ليست مجرد بعث رسائل تحذير عبر قصف عسكري لا ينال من الأفراد والعتاد-، القصف وتوظيف كل أشكال القوة المتاحة.
شخصيا أتمنى ألا يصل الأمر إلى هذه النقطة وأن يسارع الانتقالي إلى العودة إلى الوضع السابق الذي كان مريحاً له سياسياً؛ شريكاً في الحكم ومعارضاً له دون تحمل أعباء سوء الإدارة والفشل.
في مرحلة ما ستجد الإمارات أن الذهاب في صراع مع السعودية في اليمن غير مجدٍ ويربك حسابات كثيرة لذا ستتخلى عن دعم الانتقالي وتطلبه التراجع ليصبح الانتقالي أكثر انكشافاً.