أرادت المليشيا الخلاص منهم، لكن بيد إسرائيل؟

Author Icon مصطفى محمود

سبتمبر 8, 2025

في مناطق سيطرة الحوثي لا تُقتل الشخصيات العامة دائمًا لأنهم ارتكبوا خطأ، بل لأنهم تجرأوا على أن يكونوا شيئًا آخر غير ما تريده السلطة الحوثيه . في الصورة التي أمامنا، وجوهٌ بعضها معروف، وبعضها غُيّب عمدًا، وبعضها استُبدل بشعار الدولة، وكأن الرسالة تقول: "هؤلاء لم يعودوا أفرادًا، بل رموزًا يجب محوها".

بين هؤلاء، نجد قادة عسكريين سابقين، مفكرين، رجال دين، وربما حتى وسطاء سياسيين. بعضهم كانوا يرفضون الانصياع الكامل للمليشيا، وآخرون حاولوا الحفاظ على صوت مستقل في زمن التبعيه هؤلاء لم يكونوا ملائكة، لكنهم كانوا شوكة في حلق من يريد السيطرة المطلقة.

حين نسمع عن اغتيال شخصية يمنية في مناطق سيطرة الحوثيين بصاروخ إسرائيلي، أو عبر تنسيق استخباراتي خارجي، فإن السؤال لا يجب أن يتوقف عند "من نفذ؟"، بل يجب أن يبدأ بـ"من أراد ذلك؟". المليشيا، التي تتقن فن التصفية الداخلية، اعتقد ازها وجدت في اليد الإسرائيلية وسيلة أنظف، وأقل تكلفة، وأكثر قابلية للإنكار. وهنا، يصبح القتل فعلًا مزدوجًا: رغبة حوثيه ، وتنفيذ اسرائلي

القتل لا يخلق استقرارًا، بل يفتح فجوة. حين يُغتال شخص مثل الرهوي ، لا يُمحى فقط من الصورة، بل يُمحى من المعادلة السياسية، من الذاكرة الجمعية، من احتمالات المستقبل. وهذا ما تريده المليشيا: مستقبل بلا احتمالات، بلا وجوه مزعجة، بلا أصوات خارج السرب.

حين تُستخدم إسرائيل لتصفية شخصيات يمنية، فإنها لا تأتي من فراغ. بل تأتي ضمن شبكة مصالح، وتقاطعات استخباراتية، وتواطؤات محلية. إسرائيل لا تعرف هؤلاء الأفراد كما تعرفهم المليشيا.الحوثيه لكنها تعرف أنها تُستخدم، وتعرف أن القتل في اليمن يخدم أكثر من طرف.

قد يقول البعض: "لكن إسرائيل هي من نفذت، فلماذا نلوم المليشيا الحوثيه ؟". الجواب بسيط وموجع: لأن من يطلب القتل، أو يسهل حدوثه، أو يصمت عنه، هو شريك كامل في الجريمة. لأن الجغرافيا لا تعفي من الأخلاق، ولأن الخيانة لا تحتاج إلى توقيع رسمي كي تُدان.

في وجه هذا التواطؤ، تبقى ذاكرة اهالي الضحايا فعلًا مقاومًا. أن يتذكرون هؤلاء، أن نعيدزا سرد قصصهم، أن نرفضوا اختزالهم في صور أو شعارات، هو فعل سياسي بامتياز. لأن من يُقتل بصمت، يُنسى بصمت. ومن يُنسى، يُمحى من التاريخ

.

زر الذهاب إلى الأعلى