مشروع دولة في الجنوب يحتاج إلى ترتيب البيت الجنوبي
شعب الجنوب يستحق دولة تعبر عن تضحياته وبطولاته وتاريخه المجيد ،لكن الدول لا تُبنى بالاستحقاق وحده ،
ولا يتم ذلك بالرغبة ولا بالإعلان المنفرد ،وفي مثل هذه الظروف الاستثنائية الصعبة التي يمر بها الجميع في الداخل والاقليم.
هي مسؤولية كبيرة ومسار يحتاج قيادة سياسية واسعة، وقدرة مؤسسية على إدارة التعقيدات الداخلية والخارجية ،وليس أفراداً يقررون ذلك بردود فعل آنية أو حسابات ضيقة، أو تحت ضغط اللحظة والعاطفة وتأثير الوعود أياً كان نوعها ومصدرها .
الأمر في حقيقته يتطلب الكثير، واهمها توافق جامع ،ومؤسسات فاعلة، ورؤية جامعة، وإدارة قادرة على ضبط الأرض والناس، قبل الانتقال إلى طلب الاعتراف الإقليمي والدولي
واهم من كل ذلك ان مشروع دولة في الجنوب يحتاج إلى ترتيب البيت الجنوبي أولًا، وبناء شراكة حقيقية بين كل المكونات ،وصياغة عقد سياسي واضح، يطمئن الداخل ويقنع الخارج.
وقبل هذا كله تنسيقًا جادًا وموافقة صريحة من القوى الإقليمية المؤثرة، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية !!
دون ذلك قد يتحول الحلم المشروع إلى مغامرة خاسرة، وغير قابل للتحقق في المنظور القريب.
إعلان الدول لا يتم بالعاطفة ولا تحت ضغط اللحظة ،وقيام الدول هو مسار سياسي وقانوني معقد ، يبدأ بتوافق داخلي واسع، ويستند الى شرعية شعبية حقيقية، وإطار دستوري واضح ومؤسسات فاعلة قادرة على إدارة الدولة.
ويحتاج ايضاً إلى اعتراف إقليمي ودولي، وترتيبات أمنية واقتصادية قابلة للاستدامة، أما القفز إلى إعلان سياسي دون استكمال هذه المتطلبات، فيحول الحلم إلى عبء، ويمنح الخصوم فرص الطعن والتشكيك بدل حشد الدعم والتأييد بالداخل والخارج.
فالدول لا تُعلن بالعاطفة، بل تُبنى بالعقل، والتدرج، وحسن إدارة التوازنات، واحترام تعقيدات المرحلة الإقليمية والدولية.
اما الاكتفاء بخطاب يطمئن القيادات ويُسكن الشارع، فهو في حقيقته الأمر مناورة سياسية او خداع للذات، قبل أن يكون خداعًا للناس وراحة مؤقتة للمسؤولين ،على حساب استحقاق شعب يستحق الصدق لا الأوهام !